يتمثل أحد أكبر التحديات التي تواجهها برامج القوى النووية في الحصول على دعم أبرز أصحاب المصلحة، أي الجهات المعنية، بما في ذلك الجمهور، واستدامة هذا الدعم. وينطبق ذلك أيضاً على البلدان التي تفكر في دور محتمل للقوى النووية في مزيج الطاقة لديها من أجل ضمان استدامة الطاقة وتعزيز التنمية الاقتصادية والصناعية.
ويتطلب استهلال برنامج قوى نووية أعواماً من العمل التحضيري والالتزام الوطني الطويل الأجل طوالَ مراحل إنشاء المرافق النووية وبنائها وتشغيلها، وفي نهاية المطاف، إخراجها من الخدمة. ومن الضروري إشراك جميع الجهات المعنية في كل مرحلة من عملية التخطيط وطوال دورة حياة المرافق النووية بُغية إيجاد مسوِّغات للجوء للقوى النووية والحصول على قبول الجمهور على نحو مستدام.
ويقول ميخائيل تشوداكوف، نائب المدير العام ورئيس إدارة الطاقة النووية في الوكالة الدولية للطاقة الذرية: "إن التواصل مع المجتمع بأكمله على نحو شفاف وقائم على حقائق لا يسهم في الأخذ بالقوى النووية وقبولها فحسب، بل يعزز الأمان والأمن أيضاً".
ويمثل إشراك الجهات المعنية احدى المسائل التسع عشرة التي يتناولها نهج الوكالة للمعالم المرحلية البارزة، وهي وثيقة إرشادية مهيكلة تستعين بها الدول الأعضاء من أجل إرساء بنية أساسية لبرامج القوى النووية. وتنشر الوكالة وثائق إرشادية وتنظم مناقشات بشأن التحديات المشتركة والممارسات الجيدة من أجل تسهيل تبادُل المعارف والخبرات وأفضل الممارسات فيما يخصُّ التواصل مع كافة الأطراف المهتمة.
وتقول بريندا باغانون، الخبيرة في مجال إشراك الأطراف المعنية التي ترأست اجتماعاً عُقد مؤخراً عن إشراك الجهات المعنية والإعلام العام عُقد في الوكالة: "إن إشراك الجهات المعنية لا ينحصر في ترويج فوائد القوى النووية أو شرح مخاطرها أو تعقيداتها" "بل يتعلق بإطلاق حوار وأخذ دور الأطراف المهتمة ومدخلاتها في الحسبان خلال عملية صنع القرار."
مثال غانا
تتعاون غانا، على سبيل المثال، مع الوكالة بشأن وضع برنامج وطني للقوى النووية. وقد أنشأت غانا منظمة وطنية، هي منظمة غانا لبرنامج القوى النووية، بُغية تنسيق كل الأنشطة التحضيرية المتصلة بإرساء البنية الأساسية النووية واستضافت بعثة الاستعراض المتكامل للبنية الأساسية التي أوفدتها الوكالة.
ويقول بِن نياركو، نائب رئيس منظمة غانا لبرنامج القوى النووية، "لقد أدركنا أن الاضطلاع بهذا البرنامج له بُعد وطني ويستلزم مساهمة طائفة كبيرة من الأطراف المهتمة" "وقد تعاوننا مع الأطراف المعنية منذ بداية البرنامج. وقد أتاح ذلك لمنظمة غانا لبرنامج القوى النووية أن تنقل مستلزمات البرنامج وفوائده للصناعة وصُناع القرار والجمهورعلى نحو فعال."
حالة كينيا
أنشأت كينيا، التي سَعَت أيضاً للحصول على إرشاد الوكالة حول تطوير برنامج قوى نووية، مجلس كينيا للكهرباء النووية في ٢٠١٢ من أجل تنسيق كل الأنشطة التحضيرية المتصلة بتطوير البنية الأساسية النووية.
ويقول باسيت بويوكا، مدير الدعاية والدعوة، مجلس كينيا للكهرباء النووية "لقد أجرَت كينيا استطلاع رأي عاماً مبكراً لتحديد أبرز اهتمامات وشواغل أصحاب المصلحة، بما يشمل الجمهور، فيما يتعلق بالقوى النووية. وقد كانت نتائج الاستطلاع محورية بالنسبة لمجلس كينيا للكهرباء النووية فيما يخصُّ صوغ استراتيجية تواصُل شاملة تشمل الأنشطة والرسائل ووسائل الإعلام المفضلة." ومن ثم، نفّذ مجلس كينيا للكهرباء النووية برنامجاً تعليمياً عاماً قوياً، شمل المدارس والكليات والجامعات، واستضاف اجتماعات ومؤتمرات وحلقات عمل لفائدة مختلف الجهات المعنية.
التواصُل الدائم
ولا تتوقف أنشطة الجهات المعنية عندما تدخل محطة القوى النووية طور التشغيل. إذ ينبغي أن تستمر طوال دورة حياة المرافق النووية، بما يشمل تشغيل المفاعلات والمرافق المؤقتة لخزن الوقود المستهلك والمستودعات النهائية للنفايات المشعة.
وتقول باغانون "إن إرساء علاقة إيجابية وصريحة مع المجتمعات المحلية، بما في ذلك العمال والأُسر وممثلو الصناعات الأخرى والقادة والطلاب والمدرسون، أمرٌ ذو أهمية بالغة للحفاظ على بيئة جديرة بالثقة وإيجابية"
نُشر هذا المقال في مجلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عدد تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٧
لقد أجرَت كينيا استطلاع رأي عاماً مبكراً لتحديد أبرز اهتمامات وشواغل أصحاب المصلحة، بما يشمل الجمهور، فيما يتعلق بالقوى النووية. وقد ساعدت النتائج في صوغ استراتيجية تواصُل شاملة، بما في ذلك الأنشطة والرسائل ووسائل الإعلام المفضلة.