You are here

كيف يؤثِّر تغيُّر المناخ في الموارد المائية في كوستاريكا

من مجلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية
,

العلماء يعدُّون عيِّنات من مياه الينابيع لتحليل الغازات الخاملة الموجودة فيها، في هيريديا، كوستاريكا.

(الصورة من: ل. كاسترو، ESPH)

تقع كوستاريكا على الشريط الرفيع من اليابسة الذي يفصل بين المحيط الهادئ والبحر الكاريبي، وقد شهدت البلاد في السنوات الأخيرة ارتفاع درجات الحرارة في المحيط فوق المستوى المتوسط كما شهدت أوَّل إعصار يُسجَّل في تاريخ البلد. وبمساعدة الوكالة، بدأ العلماء في كوستاريكا يتجهون الآن إلى التقنيات النظيرية من أجل رصد هذه الأحداث الجوية المتطرفة وتوفير الحماية للمياه والسكان في البلاد، في منطقة حُدِّدت باعتبارها من المناطق التي يمكن أن تتضرَّر بوجه خاص من تغيُّر المناخ.

وقال السيد ريكاردو سانشيز موريلو، منسِّق فريق البحوث المعني بالنظائر المستقرة، الجامعة الوطنية في كوستاريكا في هيريديا: "إنَّ الماء له ذاكرة. وبالاستعانة بالنظائر، يمكنِّنا أن نسجِّل هذه الذاكرة وأن نستخدم المعلومات الراهنة التي نجمعها من مياه الأمطار من أجل فهم الأحداث المناخية التي وقعت في الماضي وتحسين الخطط التي تعدُّها كوستاريكا من أجل مواجهة الأحداث الجوية التي ستقع في المستقبل، بما في ذلك الأعاصير." وفي عام ٢٠١٥، وبعد فترة من الجفاف الشديد، شهدت منطقة أمريكا الوسطى واحدة من أشدِّ حالات ظاهرة إلنينيو للتذبذب الجنوبي — وهي ارتفاع في درجة حرارة سطح المحيط يحدث في المنطقة منذ قرون. وبعد عام واحد، واجهت كوستاريكا أوَّل إعصار يُسجَّل في تاريخها حتى اليوم في المنطقة الواقعة في أقصى جنوب أمريكا الوسطى.

وقال السيد سانشيز موريلو: "لم تكن لدينا أيُّ سجلات تاريخية بشأن تأثُّر كوستاريكا بأيِّ أعاصير. ولذلك فقد كنا معرَّضين للخطر وعانينا من العواقب، لأنَّنا لم نكن نعرف كيف نتصدَّى للحدث."

وتحمل الظواهر من هذا القبيل في طياتها مجموعات من البصمات النظيرية يمكن للعلماء مثل السيد سانشيز موريلو أن يجمعوها باستخدام تقنيات خاصة مستمدة من المجال النووي. وفور تسجيل هذه البيانات النظيرية، يستخدمها العلماء، بالاقتران مع النماذج المناخية والسجلات المناخية السابقة، لتوقُّع وتيرة وقوع الأحداث الجوية في المستقبل وحجم تلك الأحداث وشدَّتها وإبلاغ السلطات حتى تعمل بدورها على تحسين تأهُّبها. ويُطلق على العلم المستخدم في ذلك علم الهيدرولوجيا النظيرية (انظر المربع أدناه).

وقال السيد سانشيز موريلو: "صار لدينا الآن المقتفيات، التي تعمل وكأنَّها نظام للحراسة. حيث تتيح لنا هذه التقنيات القدرة على أن نرى ما لا تستطيع الأجهزة التقليدية الوصول إليه. فما لا تراه الأساليب التقليدية، تراه النظائر".

ومن خلال الاستعانة بالتقنيات النظيرية من أجل دراسة النظم المائية غير المفهومة جيِّداً، يجد الخبراء أيضاً حلولاً للتحديات المائية المتعلقة بتغيُّر المناخ والتي تؤثِّر حتى في المناطق التي تشهد أعلى معدَّلات لهطول الأمطار، بما فيها كوستاريكا. وباستخدام هذه التقنيات، يمكن للعلماء أن يحدِّدوا كمية الإمدادات المائية ونوعيتها. إذ يستخدمون النظائر الطبيعية المنشأ كمقتفيات بغية معرفة مصدر المياه الجوفية، وما إن كانت حديثة أم قديمة، وما إن كانت تتجدَّد أو ملوَّثة، وكيفية جريانها.

رغم أنَّه كان لدينا دائما لوائح معمول بها من أجل حماية ما لدينا من المياه، فإنَّ الفارق الآن هو أنَّه صار بوسعنا أن نكون أكثر دقَّة وكفاءة.
ريكاردو سانشيز موريلو، منسق فريق البحوث المعني بالنظائر المستقرة، الجامعة الوطنية في كوستاريكا، هيريديا

ومن خلال برنامج الوكالة للتعاون التقني، تلقى علماء الهيدرولوجيا في كوستاريكا الدعم والتدريب من أجل إقامة شبكة للرصد تتعقب عمليات هطول الأمطار والمياه الجوفية.

ويساعد فهم أنماط سقوط الأمطار العلماء على معرفة الأماكن والأوقات والطرق التي تتجدَّد بها المياه — وهي معلومات لها أهمية بالغة في إعداد خطط إدارة الأراضي والمياه. وباستخدام النظائر، درس العلماء المياه في الوادي المتوسط، وهو ممر بيولوجي بين المنحدرات الواقعة على المحيط الهادئ والبحر الكاريبي يُزوِّد قرابة خُمس سكان كوستاريكا، أي نحو مليون نسمة، بمياه الشرب. واليوم، صار العلماء يعرفون بدقة الارتفاعات والمناطق التي تستمد منها المستودعات المياه الجديدة.

وقال السيد سانشيز موريلو: "إنَّ فهم العوامل الرئيسية التي تتحكَّم في أنماط سقوط الأمطار وعلاقتها بتجدُّد المياه الجوفية يُعدُّ أمراً ضروريًّا حتى تتمكن الحكومة والوكالات البيئية من ترتيب أولوياتها من حيث الموارد والجهود. والآن بعد أن صرنا نعرف المناطق ذات الأهمية الحاسمة لتجدُّد المياه والكيفية التي تنتقل بها المياه الجوفية، يمكننا أن نولي جهود المحافظة على المياه في تلك المناطق الأولوية على الأنشطة التجارية."

التأثير في السياسات

يهدف العمل الذي يضطلع به السيد سانشيز موريلو وفريقه إلى تمكين الحكومة من توجيه تدابير المحافظة على المياه إلى المناطق الأكثر أهمية لتجدُّد المياه. ومن شأن ذلك بدوره أن يتيح للسكان المقيمين أو المزارعين أو المؤسسات التجارية مواصلة الاضطلاع بالأنشطة دون أن يؤدي ذلك إلى تأثير سلبي في مصادر المياه.

وقال السيد سانشيز موريلو: "رغم أنَّه كان لدينا دائما لوائح معمول بها من أجل حماية ما لدينا من المياه، فإنَّ الفارق الآن هو أنَّه صار بوسعنا أن نكون أكثر دقَّة وكفاءة". "فنحن نعرف على وجه التحديد المناطق التي تحتاج إلى اهتمام خاص، ونعرف كيف نحميها ونضمن إمدادات المياه اللازمة في الوقت الحاضر وفي العقود المقبلة."

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية