You are here

ما وراء الكواليس في الأحداث العامة الكبرى: تدابير الأمن النووي

Emma Midgley, Monika Shifotoka

تنظيم الأحداث العامة الكبرى يفرض تحديات أمنية فريدة، منها الأمن النووي. ودعمت الوكالة الأمنَ النووي لساحل العاج خلال بطولة كأس الأمم الإفريقية عبر تزويد الخبراء المحليين بتدريبات تطبيقية على التدابير المطلوبة.

(الصورة: ب. كابورو/الوكالة الدولية للطاقة الذرية)

عندما رُفِع عَلم اليونان مرفرفاً فوق الملعب في دورة الألعاب الأولمبية لعام 2004، وهو ما مثَّل عودة الألعاب الأولمبية إلى موطنها حيث انطلقت قبلَ أكثر من قرن، لم يكن أغلب المتفرجين والرياضيين على دراية بجهود مكثّفة جرت وراء الكواليس لحمايتهم من تهديدات الأمن النووي المحتملة. فقد شاركت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولأول مرة، في توفير التدريب والمعدات لحدث مثل هذا، مما مكَّن اليونان من تعزيز تدابير الأمن النووي طوال الألعاب الأولمبية.

ويُقصد بالأحداث العامة الكبرى تلك الأحداث الوطنية أو الدولية المقرَّر تنظيمها والتي تصنّفها البلدان المستضيفة لها على أنها "أحداث كبرى" وتستلزم تنفيذ تدابير أمنية معقدة، بما في ذلك تلك المتعلقة بالأمن النووي. وفي عصرنا الذي يشهد التئام بلدان العالم مراراً في أحداث عامة كبرى، مثل الأحداث الرياضية والمحافل السياسية أو الدينية الرفيعة المستوى والمؤتمرات الدولية، التخطيط والتدريب ضروريان لتعزيز الأمن النووي.

ويشمل الأمن النووي للأحداث العامة الكبرى التدابير الرامية إلى مَنْع الأفعال الإجرامية أو الأفعال المتعمدة غير المأذون بها المنطوية على مواد نووية أو مواد مشعّة أخرى أو الموجَّهة إلى المرافق النووية والمرافق المرتبطة بها، وكَشْف مثل تلك الأفعال والتصدّي لها.

وكانت الوكالة في صدارة الجهود الرامية إلى إدماج بروتوكولات الأمن النووي في الترتيبات الأمنية التقليدية الخاصة بالأحداث العامة الكبرى - ولهذه الجهود أهميةٌ بالغةٌ في ضمان السّلم في العالم وصَوْن أرواح ملايين البشر.

وتقول اعتماد الصوفي، رئيسة قسم الأمن النووي للمواد الخارجة عن التحكم الرقابي في شعبة الأمن النووي في الوكالة: "يشمل دعم الوكالة ومساعدتها في هذا المضمار إعارة المعدات، وعقد حلقات العمل التدريبية، وتمارين المحاكاة العملية والتمارين الميدانية، وتقديم خبراء دوليين للمساعدة التقنية في الموقع". وتضيف الصوفي قائلةً: "وراء الكواليس، يضمن تفانينا الراسخ إزاء الأمن النووي أن تظلّ الأحداث بمنأى عن التهديدات".

وبالإضافة إلى ذلك، تساعد الوكالة البلدانَ المستضيفة للأحداث العامة الكبرى بطريقة فريدة وذلك من خلال تبادُل المعلومات. فقبل انطلاقة مثل هذه الأحداث، يمكن للوكالة أن تقدّم تقريراً تحليلياً مفصلاً من قاعدة بيانات الحادثات والاتجار غير المشروع بشأن تهديدات الأمن النووي واتجاهاته وأنماطه، يركّز على البلد المستضيف للحدث والمنطقة.

 

دور متزايد

تعاظَم دور الوكالة منذ أول إسهام لها في هذا المجال في عام 2004، عندما دعمت دورة الألعاب الأولمبية في أثينا. فعلى مدى السنوات العشرين الماضية، وسّعت الوكالة نطاقَ دعمها للعديد من أبرز الأحداث الدولية، وقدّمت المساعدة للتدابير الأمنية التي تحمي من تهديدات الأمن النووي.

فقد وفّرت الوكالة الخبرات والموارد إلى 75 من الأحداث العامة الكبرى المقامة في 46 بلداً، من فعالية "الأيام العالمية للشبيبة" إلى بطولات كأس العالم لكرة القدم للسيدات والرجال. وفي الآونة الأخيرة، دعمت الوكالة أحداثاً عامة كبرى مثل كأس الأمم الإفريقية في كوت ديفوار بتزويد الخبراء المحليين بالتدريب المباشر على التدابير المطلوبة، بما في ذلك تحليلات التهديدات السابقة للحدث والعواقب المحتملة لسوء الاستخدام المتعمد للمواد النووية أو غيرها من المواد المشعّة.

ويقول أوكا نغيسان غاي ليوبولد، عالم الفيزياء النووية ونائب مدير الأمان والأمن النوويين في هيئة الوقاية من الإشعاع والأمان والأمن النوويين في كوت ديفوار: "أحداث بمثل هذه الضخامة تستلزم خطة أمنية شاملة تشمل تدابير الأمن النووي. ومن خلال التعاون مع الوكالة والدعم المقدَّم منها، استطعنا ضمان الأمن النووي خلال الحدث". 

وقُدِّم الدعم أيضاً إلى فعاليات أخرى عبر تنفيذ تدابير الأمن النووي، منها الدورتان السابعة والعشرون والثامنة والعشرون لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ (COP27 وCOP28) اللتان استضافتهما الإمارات العربية المتحدة ومصر في عامي 2022 و2023 على التوالي، من خلال تنفيذ تدابير الأمن النووي.

ويقول فهد محمد البلوشي، مدير إدارة الأمن النووي في الهيئة الاتحادية للرقابة النووية بالإمارات العربية المتحدة: "من المهمّ عند تنظيم الأحداث العامة الكبرى التي تستضيف مندوبين ومهنيين وأفراد من عموم الجمهور تطبيق أقصى معايير الأمان والأمن، بما في ذلك الأمن النووي. وقد عملت الإمارات العربية المتحدة بشكل وثيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لضمان الالتزام بالمعايير الدولية للأمن النووي طوال COP28". 

 

الابتكار من خلال التكنولوجيا والتدريب

واكبت الوكالة وتيرة التطور الذي شهدته التكنولوجيا على مدى السنوات العشرين الماضية، ومكّنت من تطوير التطبيقات والبرمجيات الداعمة لعمليات الأمن النووي واتخاذ القرارات ذات الصلة. وفي عام 2023، أطلقت الوكالة شبكة الأمن النووي المتكاملة-المتنقلة (M-INSN)، التي توفّر بياناتٍ إشعاعيةً آنيةً عن العمليات في الأماكن المزدحمة بشدّة مثل المطارات والحدود البرية والموانئ البحرية التي تستلزم اتخاذ تدابير أمنية نووية.

ويمكن للشبكة المذكورة أن تعزّز إلى حدّ كبير تنفيذ تدابير الأمن النووي في الأحداث العامة الكبرى. وجاء أول استخدام لشبكة الأمن النووي المتكاملة-المتنقلة في الأحداث العامة الكبرى خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم للسيدات تحت 20 عاماً، التي أقيمت في كوستاريكا في آب/أغسطس 2022. واستُخدمت الأداة نفسها لدعم تدابير الأمن النووي في الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ (COP27).

وفي موازاة ذلك، تواصِل الوكالة تعزيز برامجها في مجال التدريب والدعم، بما يكفل الاستعداد الجيد للبلدان التي تستضيف أحداثاً مهمة للتصدي لتحديات الأمن النووي. ويوفر المركز التدريبي والإيضاحي في مجال الأمن النووي، التابع للوكالة والذي دُشّن مؤخراً، للمسؤولين والخبراء المعنيّين بتنفيذ الأمن النووي حلقات عمل وتمارين محاكاة لمجموعة من السيناريوهات - من الكشف عن المواد المشعّة غير المأذون بها إلى تنفيذ تدابير الاستجابة.

وفي السنوات الست الماضية وحدها، أعارت الوكالة أكثر من 3500 قطعة من معدّات الكشف عن الإشعاع إلى بلدان في جميع أنحاء العالم. وقد مكّنت التدريبات وتمارين المحاكاة والتمارين الميدانية التي قادتها الوكالة وخبراء الأمن النووي الدوليون البلدانَ من مواكبة آخر المستجدات في مواجهة تحديات الأمن النووي المعقدة.

والمعالجة الفعّالة لشواغل الأمن النووي في التجمعات العالمية مسألة بالغة الأهمية للعلاقات الدولية والسلامة العامة، وأحد الأمثلة العملية المهمة على التزام الوكالة المستمر إزاء السّلم والأمن العالميين.

٢٠٢٤/٠٥
Vol. 65-1

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية