You are here

الوكالة تطلق مشروعاً لمساعدة البلدان على مكافحة الغش في الأغذية

2019 14
فيينا، النمسا

يمكن أن يساعد تحليل النظائر المستقرة على تمييز عسل المانوكا الأصلي (الجرة التي على اليمين) من عسل المانوكا المزيف. وسيساعد مشروع جديد أطلقته الوكالة البلدانَ على تطبيق هذه التقنية لمكافحة الغش في الأغذية الفاخرة. (الصورة من: أندرو كانفان/الوكالة)

وأطلقت الوكالة الدولية للطاقة الذرية (الوكالة) مشروعاً بحثياً مدته خمس سنوات، يشارك فيه خبراء من ١٦ دولة، يهدف إلى صقل أساليب تطبيق التقنيات المشتقة من المجال النووي لاختبار مدى دقة التوسيم في الملصقات الغذائية.

وستساعد نتائج المشروع، الذي يُنفّذ بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، البلدانَ في مكافحة الغش في المنتجات الغذائية ذات القيمة السوقية العالية، مثل العسل الأصلي، والقهوة الفاخرة، وأصناف الأرز الخاصة.

وقال منسق المشروع، الاختصاصي في سلامة الأغذية بالوكالة، سايمون كيلي: "تُباع أنواع عديدة من الأغذية بأسعار مرتفعة نظراً للأساليب المستخدمة في إنتاجها أو بسبب مصدرها الجغرافي." "ومن أجل حماية المستهلكين من الاحتيال، وما قد ينشأ جراء ذلك من مشاكل غير مقصودة تتعلق بسلامة الأغذية، لا بد لنا من إيجاد أساليب معيارية للتأكد من أن الخصائص المذكورة على الملصق تنطبق على المنتج."

وسيساعد المشروع البلدان على تطبيق تقنيات النظائر المستقرة لحماية الأغذية ذات القيمة المضافة وتعزيزها، مثل الأغذية العضوية، أو المنتجات ذات المصدر الجغرافي المحدد، مثل قهوة الجبل الأزرق الجامايكية. وتتلخص الطريقة في النظر إلى نسبة النظائر المستقرة في العناصر - مثل الهيدروجين والأكسجين والكربون - ومعدلات تركيز تلك العناصر في عينة من المنتج. ويمكن أن يشكل ذلك بصمة فريدة تربط المحصول بالمكان الذي يُزرع فيه.

وقال راسل فرو، أستاذ الكيمياء في جامعة أوتاجو في نيوزيلندا وأحد الخبراء المشاركين في المشروع: "ينبئُنا الحمضُ النووي عن عرقك وسلالتك، لكنه لا يخبرنا أين نشأت وترعرت؛ أما النظائر التي يمتصها المنتج الغذائي من البيئة فإنها تكشف لنا عن المكان الذي نَبتَ فيه ذلك المنتَج."

وعمل فرو سابقاً في مختبر حماية الأغذية والبيئة التابع للبرنامج المشترك بين منظمة الفاو والوكالة في زايبرسدورف بالنمسا، حيث ساعد في تطوير طريقةٍ لاستخدام النظائر المستقرة في اختبار عسل المانوكا الأصلي. وأردف قائلاً: "تشير التقارير إلى أن كميات عسل المانوكا المستهلكة تبلغ حوالي ستة أضعاف ما يُنتج منه." ويتميز هذا العسل، الذي يُنتج من رحيق زهرة شجرة المانوكا النيوزيلندية، بخصائص طبيعية مضادة للميكروبات، وقد يصل سعر الكيلوغرام الواحد منه إلى ١٠٠٠ دولار نيوزيلندي، أو ما يقرب من ٦٠٠ يورو.

ويتطلع البروفسور نيفز أوغرنك، أستاذ التكنولوجيا البيئية في معهد جوزيف ستيفان في سلوفينيا، إلى تطبيق هذه الطريقة من أجل ضمان جودة الكمأ السلوفيني، الذي تدر تجارته أرباحاً طائلة، ومن أجل صون تسميته الجغرافية. وأوضح أن "سعر الكيلوغرام الواحد من الكمأ الأبيض قد يصل إلى ٢٣٠٠ يورو، وبما أن سوقه رائجة فإنها تشهد الكثير من الاحتيال". وأضاف قائلاً: "نعمل أيضاَ على تطبيق هذه الطريقة على الفواكه والخضروات مثل الفراولة والكرز والثوم."

ويمثل الغش مشكلة متصاعدة الخطورة في الصناعات الغذائية، وتعاني منه البلدان في شتى أنحاء العالم، إذ يضر بصادراتها. وسيساعد هذا المشروع البحثي البلدان النامية على زيادة الامتثال للمتطلبات الرقابية، مما يُيسر التعاملات التجارية.

ويُضر التوسيم غير الصحيح أيضاً بالأرز التايلندي المعطر (تاي هوم مالي)، وهو نوع من الأرز الفاخر، يتميز بحبوبه الطويلة المعطرة، ويشكل ما بين ١٣ إلى ١٨ في المائة من صادرات الأرز التايلاندي. ويُنتج هذا النوع من الأرز في الأجزاء الشمالية والشمالية الشرقية من البلد، حيث يتوفر مزيجٌ مثاليٌ من التربة والظروف المناخية. وقال واني سرينوتراكول، الخبير في معهد تايلاند للتكنولوجيا النووية: "ليس لدينا مختبر لإجراء هذا النوع من التحليل، ولذلك أريد أن أتعلم كيفية تطبيق هذا الأسلوب."

وتعتبر قهوة الجبل الأزرق الجامايكية، التي تُثمّن بفضل نكهتها وانخفاض نسبة الحموضة فيها، من أغلى أنواع القهوة في العالم، مما يجعلها عرضة للتزوير. وقالت ليزلي آن هوو فونغ، الباحثة في المركز الدولي للعلوم البيئية والنووية في كينغستون، بجامايكا: "من المهم حقًا أن نحمي قهوتنا." وأردفت موضحةً: "نريد تطبيق التقنيات النووية للتمييز بين قهوة الجبل الأزرق وبين قهوة هاي ماونتين، على سبيل المثال، لأن سعريهما مختلفان." وترغب جامايكا أيضاً في النظر في مدى قابلية هذه التقنية للتطبيق على السلع الوطنية الفاخرة الأخرى، مثل الكاكاو وعَرق القصب (الروم).

وبدأ المشروع البحثي، الذي سيستمر لمدة خمس سنوات، باجتماع استهلالي الأسبوع الماضي. وتشمل الدول المشاركة إسبانيا، وإندونيسيا، وأوروغواي، وإيطاليا، وتايلند، وجامايكا، والدانمرك، وسلوفينيا، والصين، وكوستاريكا، وماليزيا، والمغرب، وميانمار، ونيوزيلندا، والهند، واليابان.

وتساعد الوكالة، بالاشتراك مع منظمة الفاو، دولها الأعضاء على استخدام التقنيات النووية والتقنيات ذات الصلة لإيجاد حلول قائمة على العلوم من أجل تعزيز سلامة الأغذية وأمنها وتحسين الممارسات الزراعية المستدامة. ونشرت الفاو، بالتعاون مع المصرف الأوروبي للإنشاء والتعمير، تقريراً في عام ٢٠١٨ يسلط الضوء على الفوائد التي تعود على المجتمعات الريفية من اعتماد نُظمٍ راسخة تشير إلى المصادر الجغرافية للمنتجات الغذائية المحلية.

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية