You are here

غرس بذور التغيير: الاستيلاد الطفري للنباتات يساعد بنغلاديش على إطعام الأعداد المتزايدة من السكان بها

ساعدت أصناف النباتات الطافرة الجديدة التي استُخدِمت فيها التقنيات النووية المزارع محمد فريد الإسلام (يمينًا) على زيادة غلات المحاصيل وتحسين معيشته. (الصورة من: أ. خليل/معهد بنغلاديش للزراعة النووية)

كانت القرى في المنطقة الشمالية من بنغلاديش تصارع الفقر والجوع خلال الأشهر الطويلة من فترات موسم ’المونغا‘، لكنها مزدهرة الآن حيث يقوم المزارعون والعمال بحصد أصناف جديدة من المحاصيل تم تطويرها باستخدام التقنيات النووية.

يوضح ميرزا مفاز الإسلام، المسؤول العلمي الرئيسي مدير شعبة التكنولوجيا الحيوية في معهد بنغلاديش للزراعة النووية أن "’المونغا‘ كلمة بنغالية تعني ’الموت جوعاً‘". ويقول مفاز الإسلام إنها تُستخدَم لوصف الفترة بين منتصف أيلول/سبتمبر ومنتصف تشرين الثاني/نوفمبر ومن آذار/مارس إلى نيسان/أبريل، عندما "لا يوجد عمل لعمال المزارع. إنهم يعانون؛ بلا طعام".

ويوضح أ.هـ.م. عبد الرزاق، مدير عام معهد بنغلاديش للزراعة النووية، أن محاصيل الأرز التقليدية تستغرق ما يقرب من ١٤٠ إلى ١٥٠ يوماً لتنضج، مما يؤدي إلى فجوات طويلة بين مواسم الحصاد، ويزيد من مخاطر تلف المحاصيل بسبب الأمراض وعواصف البرَد والجفاف. وهناك صنف طافر للأرز ينتجه معهد بنغلاديش للزراعة النووية بدعم من الوكالة الدولية للطاقة الذرية باستخدام التقنيات النووية ويتميز بغلات أعلى وفترات نضج أقصر تتراوح بين ١١٠ و ١٢٠ يوماً، مما يسمح بـ ٣٠ إلى ٣٥ يوماً إضافياً لزرع محاصيل وخضروات أخرى.

يقول عبد الرزاق إنه مع هذا الصنف، "يتجه المزارعون الآن إلى الخضروات الشتوية والبقول والبذور الزيتية، ثم يتجهون ثانيةً لمحصول أرز آخر. لذلك تحتل المحاصيل كامل الفترة، مما يعزز النشاط الزراعي ويزيد كثافة الحاصلات". ويشير عبد الرزاق إلى أن ذلك أدى لزيادة دخل المزارعين، بما في ذلك النساء، وساهم أيضاً في زيادة إنتاج بنغلاديش من الأرز بنحو ٢٣ في المائة منذ عام ٢٠٠٣.

وفي الجزء الشمالي الغربي من بنغلاديش، وهو إقليم لا يتأثر بموسم المونغا، ساعدت أصناف طافرة جديدة المزارعين أيضاً على مواجهة الظروف البيئية القاسية. يقول محمد فريد الإسلام، وهو مزارع من قرية إيشوردي: "لقد تغيرت سبل عيش المزارعين بفضل الأصناف [الطافرات] الجديدة، وخاصةً أصناف اللوبيا الذهبية و العدس". "الآن أستطيع تلبية احتياجات عائلتي؛ وستدرس ابنتاي بالجامعة. ويمكنني الآن شراء أطعمة وملابس أفضل. وفي العام الماضي، اشتريت أيضاً أرضاً زراعية لزيادة حجم مزرعتي، وكذلك بنيت بيتي الجديد. ولم تعد عائلتي تشكو بشأن احتياجاتها. إنها سعيدة".

ويقول عبد الرزاق إن المزارعين الساحليين يواجهون مشكلة مختلفة تماماً. فأكثر من مليون هكتار من الأراضي تتأثر بظروف التربة المالحة والتدهور وهي غير صالحة للزراعة باستخدام المحاصيل التقليدية. ويوضح عبد الرزاق أن هناك الآن صنفين طبيعيين أكثر تحملاً للملوحة، وبالاستعاضة عن الأصناف التقليدية بالأصناف التي ينتجها معهد بنغلاديش للزراعة النووية، يمكن زراعة ٤٠ إلى ٥٠ في المائة من هذه الأراضي البور. ويؤكد: "لكننا بحاجة إلى مزيد من الأصناف التي تتحمل الملوحة من أجل إبقاء الأراضي مزروعة على مدار السنة."

الإعداد لتغير المناخ

يقول عبد الرزاق إن تغير المناخ يزيد من تفاقم الأوضاع البيئية في البلد، فهو يتسبب في دخول مياه مالحة أكثر إلى التربة العادية وسقوط الأمطار في غير أوانها مما يؤدي إلى فيضانات وعدد متزايد من المناطق ذات الجفاف الشديد .

ويقول مفاز الإسلام: "إن الحكومة تدفعنا لاقتناء أصناف طافرة جيدة ومستدامة لمواجهة قضايا تغير المناخ المقبلة." "وهذا هو السبب في أننا ندرك تماماً أهمية التكنولوجيا النووية في تطوير هذه الأصناف بحيث نكون مستعدين لمكافحة آثار تغير المناخ على التنمية الزراعية".

ومع دعم الوكالة من خلال التدريب والمنح الدراسية وزيارات الخبراء وتطوير الموارد البشرية والمختبرات، وتوفير المعدات منذ عام ١٩٧١، استطاع معهد بنغلاديش للزراعة النووية تطوير أصناف محاصيل طافرة جديدة. فقد طور المعهد أكثر من ٥٩ صنفاً باستخدام التكنولوجيا النووية، و ٢٣ صنفاً من ١٢ من أنواع المحاصيل المختلفة باستخدام تقنيات الاستعانة بالواسمات وغيرها من تقنيات الاستيلاد الأخرى. يقول مفاز الإسلام إنه مع الأصناف الكثيرة "يمكننا معالجة احتياجات ومشاكل المزارعين، والآن نأمل في تلبية الطلب المتزايد."

يضيف عبد الرزاق: "بمجرد ملء معدتك، تنتقل المسألة إلى النوعية." ويقول إن المطالب ترتفع حيث أصبح هناك اهتمام من المزارعين والحكومة بالنوعيات المختلفة وبأصناف المحاصيل المغذية أكثر، والمدعمة بالزنك والحديد. "إن لدينا مشاكل صحية خطيرة في بنغلاديش مع حالات نقص الزنك والحديد، وخاصةً بالنسبة للأمهات المرضعات والأطفال الصغار. وفي حالة الافتقار إلى هذه المغذيات الدقيقة أثناء الحمل، قد يُصَبن بأمراض أخرى بعد الولادة، وقد يولد أطفال معوقون."

الآن أستطيع تلبية احتياجات عائلتي؛ وستدرس ابنتاي بالجامعة. ويمكنني الآن شراء أطعمة وملابس أفضل.
محمد فريد الإسلام، مزارع، إيشوردي

إجمالي إنتاج الأرز في بنغلاديش. (المصدر: معهد بنغلاديش للزراعة النووية)

نظرة تطلعية

يهدف معهد بنغلاديش للزراعة النووية إلى مواصلة التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. يقول عبد الرزاق: "نحن نوسع أفق أنشطتنا بمساعدة الوكالة." ويوضح أنه حالياً، بالإضافة إلى الاستيلاد الطفري للنباتات، يعمل المعهد أيضاً مع الوكالة على إدارة التربة والمياه، ومكافحة الآفات، ونقل التكنولوجيا لدعم المزارعين في بنغلاديش والبلدان المجاورة.

ويضيف عبد الرزاق: "إن البحث عملية مستمرة. ولا نستطيع التوقف." "وتهدف استراتيجيتنا البحثية لإرضاء المزارعين بنوعية أرقى وأصناف معززة تغذوياً، مع مواجهة التحديات السائدة في الحقول والمناخ. وسنواصل تطوير أصناف جديدة وتكنولوجيات جديدة لتلبية طلب المزارعين وطلب البلد ككل."

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية