You are here

المفاعلات النمطية الصغيرة: هل تشكِّل تحدياً في مجال التصرُّف في الوقود المستهلك؟

من مجلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية
,

توضيح يعرض وحدة نمطية لمفاعل رولس رويس، أحد تصاميم المفاعلات النمطية الصغيرة الكثيرة التي يجري حالياً تطويرها، على شاحنة. يتم تصميم الكثير من تلك المفاعلات النمطية في حجم صغير بحيث ينقل حاوية بشاحنة أو بباخرة. (رولس رويس)

منذ سنوات عديدة، يكثر الحديث في أوساط الصناعة النووية عن المفاعلات النمطية الصغيرة — ولكن إلى أي حد سينطوي تشغيل تلك المفاعلات، المتوقع أن يبدأ للمرة الأولى في العام المقبل، على تحديات في مجال التصرُّف في الوقود المستهلك؟ يقول الخبراء إنَّ ذلك يتوقف على التصميم المحدَّد لكلِّ مفاعل وعلى الممارسات القائمة المعمول بها لدى البلد المعني في مجال التصرُّف في الوقود المستهلك.

وتتَّسم المفاعلات النمطية الصغيرة بصغر حجمها نسبيًّا ومرونتها: وتصل قدرتها على توليد القوى إلى ٣٠٠ ميغاواط (كهربائي) ويمكن أن يتفاوت إنتاجها بحسب مقدار الطلب. ولذلك فهي تحظى بجاذبية خاصة للمناطق النائية ذات الشبكات الكهربائية الأقل تطوُّراً، وكذلك للاستخدام كعناصر مكمِّلة لمصادر الطاقة المتجدِّدة ولأغراض التطبيقات غير الكهربائية للقوى النووية. ويمكن أن تُصنع المفاعلات النمطية الصغيرة ثم تُشحن وتُركَّب في الموقع، ومن ثم فمن المتوقع أن ينطوي إنشاؤها على تكلفة أقل.

وعلى الصعيد العالمي، يبلغ عدد التصاميم والمفاهيم الخاصة بالمفاعلات النمطية الصغيرة قرابة ٥٠ تصميماً ومفهوماً في مراحل مختلفة من عملية الإعداد. ووصلت ثلاث محطات قائمة على المفاعلات النمطية الصغيرة إلى مراحل متقدِّمة من التشييد أو الإدخال في الخدمة في الأرجنتين وروسيا والصين، ومن المقرر أن يبدأ تشغيلها جميعاً بين عامي ٢٠١٩ و٢٠٢٠.

وفي البلدان التي لديها برامج راسخة في مجال القوى النووية، يُضطلع بأنشطة التصرُّف في الوقود المستهلك منذ عقود. وقد اكتسبت هذه البلدان خبرات مستفيضة ولديها بنية أساسية ملائمة قائمة بالفعل. ويقول كريستوف كزيري، مدير شعبة دورة الوقود النووي وتكنولوجيا النفايات بالوكالة، إنَّه فيما يخصُّ هذه البلدان، يُفترض ألا يشكِّل التصرُّف في الوقود المستهلك الناتج عن المفاعلات النمطية الصغيرة تحدياً إذا اختارت نشر المفاعلات النمطية الصغيرة القائمة على التكنولوجيات الحالية.

وأضاف السيد كزيري أنَّه "حيث إنَّ هذا النوع من المفاعلات النمطية الصغيرة يستخدم نفس الوقود المستخدم في محطات القوى النووية الكبيرة التقليدية، فسيكون من الممكن التصرُّف في الوقود المستهلك الناتج من هذه المفاعلات بنفس الطريقة المستعملة مع المفاعلات الكبيرة". وحتى فيما يخصُّ المفاعلات النمطية الصغيرة القائمة على تكنولوجيات جديدة، مثل المفاعلات المرتفعة الحرارة المبرَّدة بالغاز، التي سوف تستخدم الوقود المعبَّأ في كتل منشورية من الغرافيت أو في حصوات الغرافيت، فإنَّ البلدان التي تملك محطات للقوى النووية سوف يكون لديها بالفعل حلول معمول بها لتخزين الوقود المستهلك والتصرُّف فيه. وقال السيد كزيري إنَّ هذه البلدان "يمكنها إمَّا أن تستخدم البنية الأساسية القائمة أو أن تُكيِّف هذه البنية الأساسية لكي تتلاءم مع التدفقات الجديدة من النفايات المشعة".

أمَّا البلدان المستجدة في مجال القوى النووية، فينبغي أن تدرس بعناية موضوع التصرف في الوقود المستهلك، وأن تُرسي البنية الأساسية اللازمة لذلك في إطار عملها على الأخذ بالطاقة النووية. وسوف يكون عليها أن تفعل ذلك ولو اختارت إنشاء محطات تقليدية للقوى النووية أو مفاعلات نمطية صغيرة قائمة على التكنولوجيات الراهنة. وقال السيد كزيري إنَّ هذه البلدان "سوف تواجه تحديات أكبر إذا اختارت الأخذ بتكنولوجيا تُطبَّق للمرة الأولى أو ليس لها سجل تطبيق راسخ، لأنَّ ذلك سوف ينطوي على قلة الخبرات والمعايير المرجعية المتاحة فيما يخصُّ إدارة دورة الوقود ككل". وأضاف أنَّ "توافر الحلول اللازمة للتصرُّف في الوقود المستهلك والنفايات المشعة الناتجة عن المفاعلات النمطية الصغيرة سوف يكون واحداً من أهم العوامل التي يتعيَّن أخذها في الحسبان عند اختيار التكنولوجيا، إلى جانب أمن إمدادات الوقود".

وتنطوي بعض المفاعلات النمطية الصغيرة على سمات يمكن أن تقلِّل من حجم المهام المرتبطة بالتصرُّف في الوقود المستهلك. وتحتاج محطات القوى القائمة على هذه التصاميم إلى إعادة التزويد بالوقود بوتيرة أقل، تتراوح بين مرة كلَّ ٣ إلى ٧ سنوات، مقارنة بمرة كل سنة أو سنتين في المحطات التقليدية، بل إنَّ بعضها مصمم للعمل لفترة تصل إلى ٣٠ عاماً دون إعادة التزويد بالوقود. ومع ذلك، فحتى في تلك الحالات سوف يتبقى قدرٌ ما من الوقود المستهلك الذي يتطلب التصرُّف فيه بطريقة سليمة.

ومن أجل التصدي لهذه المسائل وتقديم الدعم للبلدان المستجدة، هناك حاجة إلى الاضطلاع بمزيد من أعمال البحث والتطوير بشأن دورة الوقود الخاصة ببعض تكنولوجيات المفاعلات النمطية الصغيرة. وسلَّط السيد كزيري الضوء على أنَّ المهندسين والمصمِّمين أمامهم فرصة فريدة للعمل على إيجاد حلول لتحسين التصرف في الوقود المستهلك والنفايات المشعة في المفاعلات النمطية الصغيرة التي لا تزال في المراحل المبكِّرة من طور الإعداد. وقال إنَّ "هذا النهج سوف يساعد على التصدي لأوجه عدم اليقين المرتبطة بالمرحلة الختامية من دورة الوقود، والتقليل من التكاليف، وتعزيز القبول المجتمعي للقوى النووية". وتشارك الوكالة في عدَّة أنشطة جارية بشأن المفاعلات النمطية الصغيرة وتعمل على تكثيف جهودها الرامية إلى دعم أنشطة البحث والتطوير التي تضطلع بها الدول الأعضاء في هذا المجال.

نُشر هذا المقال في عدد حزيران/يونيه ٢٠١٩ للمجلة بشأن التصرُّف في الوقود المستھلَك الناتج عن مفاعلات القوى النووية.

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية