من خلال مبادرتنا Atoms4Food (تسخير الذرة من أجل الغذاء)، نعمل على تجميع المعارف التي اكتسبناها خلال عقود من الخبرة لمساعدة البلدان على تحقيق أقصى استفادة ممكنة من تربتها ومحاصيلها وسواحلها لتوفير الغذاء اللازم لتلبية احتياجات الأعداد المتزايدة من السكان.
وقد أطلقت الوكالة مبادرة Atoms4Food في عام 2023 لمساعدة البلدان على تعزيز الأمن الغذائي والتصدي للجوع. وتوفر المبادرة للبلدان حلولًا مصممة خصيصاً لتعزيز إنتاجيتها الزراعية، والحد من إهدار الأغذية وضمان سلامتها، وتحسين التغذية، والتكيف مع تغير المناخ.
وتحتل العلوم النووية موقع القلب من مبادرة Atoms4Food، لتوفِّر مستوى من الدقة والإحكام والقدرة على التنبؤ نادرا ما يشهده عالم إنتاج الأغذية، حيث تؤدي كثرة المتغيرات التي لا يمكن التنبؤ بها – بما في ذلك المتغيرات المتعلقة بالبذور والطقس والتربة –إلى صعوبة تحقيق نتائج موثوقة.
ويُستخدم التشعيع النووي لحث الطفرات الطبيعية في النباتات لاكتشاف أصناف جديدة قادرة على تحمل عدم انتظام هطول الأمطار أو زيادة ملوحة التربة أو تكاثر الحشرات الغازية. بل إن الوكالة والفاو قد أرسلتا بذورا إلى الفضاء لمساعدة علمائنا على الأرض على معرفة المزيد عن الطفرات النباتية.
وتُستخدم الهيدرولوجيا النظيرية لتتبع حركة المياه والأسمدة عبر الأرض إلى داخل النباتات، بهدف اكتشاف أنجع السبل المتاحة للمزارعين لدعم نمو محاصيل معينة. وتُستخدم التقنيات النووية مثل اختبارات التفاعل البوليميري المتسلسل لرصد الأمراض الحيوانية، مما يسمح لنا باكتشاف حالات التفشي قبل وقوعها، ويُستخدم التشعيع للقضاء على الآفات الحشرية مثل ذبابة الفاكهة دون الحاجة إلى استخدام مواد كيميائية. وتُستعمل أساليب مثل تقنية تحليل تخفيف الديوتيريوم لتحسين صحة الإنسان من خلال الكشف عن مستويات التغذية البشرية، في حين تُستخدم المقتفيات الإشعاعية للتحقق مما إذا كان الطعام ملوثاً.
وكما توضح المقالات الواردة في هذا العدد من المجلة، فقد شرعت مجتمعات عديدة في جميع أنحاء العالم في الاستعانة بهذه الأساليب المبتكرة بالفعل، وهناك آخرون كثر يرغبون في الاستفادة منها. وترسل البلدان علماءها إلينا لتلقي التدريب والعودة بعد التزود بالمعارف والمهارات اللازمة لتطبيق هذه التقنيات محليا ونقلها إلى المزارعين وغيرهم من منتجي الأغذية.
ولا يحتاج المزارعون إلى شهادة جامعية في الفيزياء لتطبيق هذه الأساليب الدقيقة. فخبراء الوكالة والفاو والجهات الوطنية الشريكة في جميع أنحاء العالم متمرسون في نقل هذه التكنولوجيات المبتكرة من المختبر إلى الميدان ومن ثم إلى طاولة العشاء.
وعلى مدى عقود، يذهب الأطفال في كينيا وبيرو وبنغلاديش وعشرات البلدان الأخرى إلى مدارسهم ويأوون إلى الفراش وقد نالوا حظاً أفضل من التغذية بفضل الابتكارات التي أدخلتها العلوم النووية على طريقة إنتاج الأغذية في بلدانهم.
ومعاً، من خلال مبادرةAtoms4Food ، يمكننا أن نواصل نشر هذه الابتكارات إلى آفاق أبعد، وتزويد صانعي السياسات والعلماء ومنتجي الأغذية في جميع أنحاء العالم بأفضل الأدوات التي يتيحها العلم لضمان تلبية الاحتياج الأهم بين كل ضرورات الحياة: توافر قدر كافٍ من الغذاء الموثوق والمغذي والمأمون.