You are here

الأمراض المعدية وكيف يمكن أن تساعد العلوم النووية في مكافحتها

Nicole Jawerth

الأمراض المعدية هي حالات صحية تسببها مسببات الأمراض - البكتيريا أو الفيروسات أو الكائنات الحية الدقيقة الأخرى، مثل الطفيليات أو الفطريات.  وتتكاثر مسببات الأمراض بعد أن تغزو الجسم، فتعطل طريقة عمله.

 وتعتمد أنواع أعراض المرض وشدتها على مسببات الأمراض، والمضيف، أي الشخص أو الحيوان. وفي حالة كوفيد-١٩، على سبيل المثال، لا تظهر أي علامات أو أعراض على بعض الأشخاص أو لا تظهر عليهم إلا بعض الأعراض الخفيفة، مثل التعب وآلام الجسم، ولكن تتطور لدى البعض الآخر أعراض شديدة وموهنة قد تؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة.

وتحدث الأمراض المعدية بسبب مسببات الأمراض التي يمكن أن تنتقل من شخص لآخر، ومن حيوان إلى حيوان أو من حيوان إلى إنسان. ويمكن أيضًا أن تنتشر مثل هذه الأمراض عن طريق النواقل - أي الكائنات الحية، مثل الحشرات، التي تحمل وتنشر مسببات الأمراض.

 ويعود منشأ أكثر من ٦٠٪ من الأمراض المعدية التي تصيب الإنسان الآن إلى الحيوانات. واكتشف العلماء أن أكثر من ٧٥٪ من الأمراض الحيوانية الجديدة هي أمراض حيوانية المصدر - أي أمراض وعدوى تنتقل من الحيوانات إلى البشر. ويعاني كل عام زهاء ٢,٦ مليار شخص من الأمراض الحيوانية المصدر، ويموت من جرائها ما يقرب من ٣ ملايين شخص. ومن بين الأمراض الحيوانية المصدر الأكثر شهرة نجد الإيبولا ومتلازمة الجهاز التنفسي الحادة الوخيمة (سارس) وكوفيد-١٩.

أمراض ناشئة، ومعاودة للظهور، وآخذة في الانتشار

بما أن الأمراض المعدية تنتقل بين البشر والحيوانات، بدون اعتبار للحدود، فإنها تشكل تهديدا مستمرا. ويمكن أن تظهر أمراض أو سلالات ممرضة جديدة، ويمكن أن تختفي الأمراض القديمة لتعاود الظهور لاحقًا. وبعض الأمراض ومسببات الأمراض لها سلالات أو تنوعات عديدة. ومع استمرار تطور الأمراض، يتعين على العلم والطب ألا يكفا عن التطور أيضًا.

وعندما يتفشى المرض، فإنه يؤثر على صحة الإنسان و/أو الحيوان، ويمكن أن يلحق الضرر بسبل العيش ويضر بالاقتصادات. وغالبًا ما تكون وطأة الآثار غير متناسبة على المجموعات الضعيفة، مثل الأطفال والفقراء وكبار السن و/أو الأشخاص الذين يعانون من ضعف جهاز المناعة. وتقع الغالبية العظمى من ضحايا الأمراض المعدية في البلدان النامية، ولا سيما في المجتمعات الفقيرة.

وقد أصبح احتمال ظهور الأمراض المعدية وعودة ظهورها وانتشارها بين البشر الآن أكبر من أي وقت مضى. ونتيجة للعولمة والنمو السكاني والتوسع الحضري بات الناس يتنقلون أكثر ويتقاربون فيما بينهم أكثر، وفي الوقت نفسه، تعمل إزالة الغابات وتغير المناخ والهجرة وصناعة الثروة الحيوانية على تقليص الحواجز بين الناس والحيوانات، مما يزيد من خطر تفشي الأمراض الحيوانية المصدر.

 كما أصبحت إدارة الأمراض المعدية أكثر صعوبة بسبب زيادة مقاومة بعض مسببات الأمراض للمضادات الحيوية، وعودة بعض الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات إلى الظهور، ونشوء مسببات أمراض جديدة لا تتوفر لها لقاحات أو علاجات متاحة. والعديد من البلدان ليست مجهزة على الفور لتشخيص هذه العدوى بدقة في وقت مبكر، مما يزيد من خطر انتشارها.

الوقاية، الكشف، الاستباق

الاكتشاف المبكر أمر أساسي للحد من انتشار العدوى واستباق تفشي الأوبئة. وتمثل التقنيات النووية وتلك المشتقة من المجال النووي أدوات موثوقاً بها يمكن أن تساعد في عمليات الاستقصاء والوقاية والكشف فيما يتعلق بتفشي الأمراض الحيوانية والحيوانية المصدر.

 ويعد التفاعل البوليميري المتسلسل بواسطة الاستنساخ العكسي في الوقت الحقيقي (RT–PCR في الوقت الحقيقي) أحد أكثر الاختبارات التشخيصية المختبرية استخداماً ودقةً. وتُستخدم هذه الطريقة المشتقة من المجال النووي للكشف عن وجود مادة وراثية محددة لمسببات الأمراض، بما في ذلك الفيروس. ويمكن إجراء التشخيص عن طريق التحقق من وجود المادة الوراثية لمسبب المرض في عينة مأخوذة من شخص مريض أو حيوان. يمكن الاطلاع على شرح تفصيلي لكيفية عمل هذه الطريقة وكيفية استخدامها للكشف عن كوفيد-١٩ هنا.

 وتظهر بعض الأمراض أعراضًا قليلة أو لا تظهر أي أعراض على الإطلاق في مراحلها المبكرة وقد يحدث خلط بينها وبين حالات صحية أخرى. ويمكن استخدام التصوير الطبي، كالأشعة والطب النووي، في التشخيص السريع والدقيق للمرض، وكذلك لمواصلة رصده، مما يزيد من فرص السيطرة على انتشاره. تعرف على المزيد حول التصوير التشخيصي وكيفية استخدامه مع كوفيد-١٩ هنا.

 ويمكن أن تساعد طريقة قائمة على المجال النووي لتحديد تناسل الحشرات، تسمى تقنية الحشرة العقيمة، في منع انتشار بعض الأمراض المنقولة بالنواقل والسيطرة عليها وربما إيقافها. والبحث والتطوير مستمران الآن حول كيفية استخدام تقنية الحشرة العقيمة للسيطرة على البعوض الحامل للأمراض. يمكن الاطلاع على المزيد في هذا الشأن هنا.

 وتحتوي بعض اللقاحات على نسخ معطلة من مسببات الأمراض التي تقوم، بمجرد دخولها الجسم، بتنشيط الجهاز المناعي للمساعدة في إعداده لمحاربة العدوى. ويجري الآن استكشاف اللقاحات المعالجة بالإشعاع كأحد الخيارات لمكافحة المرض. ويمكن للإشعاع أن يثبط نشاط مسبب المرض من دون التأثير على هيكله. تعرف على المزيد حول اللقاحات المشععة لمكافحة الأمراض الحيوانية هنا.

 وتتمتع الوكالة بعقود من الخبرة في دعم البلدان في بناء قدرتها على اكتشاف وتوصيف مسببات الأمراض مبكرًا وتشخيص الأمراض وإدارتها والوقاية منها بسرعة ودقة. وغالبًا ما تُقدَّم هذه المساعدة بالتعاون مع الشركاء، مثل منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) ومنظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية لصحة الحيوان، مما يجعلها تسهم إسهاماً كبيراً في السيطرة على تفشي الأمراض المعدية سواءً لدى الحيوان أو البشر.

 

زودياك: الطريق إلى ما بعد جائحة كوفيد-١٩

أطلقت الوكالة الدولية مبادرة زودياك، أو العمل المتكامل للأمراض الحيوانية المصدر، في حزيران/يونيه ٢٠٢٠ بغية تعزيز قدرات البلدان على الكشف المبكر عن تفشي الأمراض الحيوانية المصدر وتشخيصها والوقاية منها ومكافحتها. وصُمِّمت المبادرة كنهج منهجي وشامل عبر القطاعات وعبر التخصصات، وهي تدمج تدابير المساعدة الطارئة، بما في ذلك إنشاء فريق للتصدي، بغية التصدي لمسببات الأمراض الحيوانية المصدر الجديدة والقائمة. وتهدف مبادرة زودياك إلى مساعدة البلدان على التأهب لتفشي الأمراض الحيوانية المصدر واستباقها والوقاية منها، فضلاً عن حماية عافية المليارات من الناس وحماية معايشهم ووضعهم الاجتماعي والاقتصادي في شتى أنحاء العالم.

وتعتبر التقنيات النووية وتلك المشتقة من المجال النووي أدوات مجربة وموثوق بها، تؤدي دورًا مهمًا في استقصاء تفشي الأمراض الحيوانية المصدر واكتشافها والوقاية منها واحتوائها. وبصفة الوكالة منظمة ذات توجه علمي، فإنها تتمتع، بالتعاون مع شركائها، بوضع فريد للاضطلاع بمبادرة زودياك وتنسيقها وتنفيذها التنفيذ الفعال، ودعم البلدان في تعزيز جلادتها في مواجهة الأمراض الحيوانية المصدر. وتتمتع الوكالة بخبرة واسعة في المساعدة في معالجة الأمراض الحيوانية والحيوانية المصدر، ولديها مختبر مخصّص، بالإضافة إلى شبكة واسعة من المختبرات البيطرية الشريكة حول العالم.

وستستفيد زودياك من تعاون الوكالة مع شركاء مثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية لصحة الحيوان.

مسرد المصطلحات

مرض متوطِّن: يوجد بشكل منتظم في منطقة معينة أو وسط مجتمع بعينه.

الأمراض المعدية: حالات مرضية تسببها مسببات الأمراض، مثل البكتيريا والفيروسات والطفيليات أو الفطريات، ويمكن أن تنتقل من شخص لآخر أو من الحيوان إلى الإنسان.

مسببات الأمراض: جرثومة أو فيروس أو غيرها من الكائنات الحية الدقيقة، مثل الطفيليات أو الفطريات، التي يمكن أن تسبب المرض.

ناقل: كائن حي، مثل الحشرة، يحمل وينشر مسببات الأمراض.

منقول بالنواقل: تحمله النواقل وتنقله.

الأمراض الحيوانية المصدر: الأمراض والالتهابات التي تنتقل من الحيوان إلى الإنسان

٢٠٢٠/٠٦
Vol. 61-2

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية