You are here

اليوم العالمي للتربة : دور التقنيات النووية في وقف ملوحة التربة ودعم التعافي.

,

لا يزال السودان، الذي يهدف إلى أن يكون واحدا من أكبر منتجي الحبوب في العالم و الذي تُعتبر أراضيه من أكثر الأراضي خصوبة في أفريقيا، يواجه فجوة تكنولوجية في الزراعة. (الصورة : عماد الدين علي بابكر، هيئة البحوث الزراعية – السودان)

هناك موردان طبيعيان حيويان ساهما في توسُّع الحضارات البشرية على مدى آلاف السنين: ألا وهما التربة والمياه. وهما الآن معرضان للخطر بسبب تغير المشهد نتيجة للاستغلال البشري، فضلا عن تغير المناخ.

وموضوع "اليوم العالمي للتربة" لهذا العام هو "وقف تملح التربة، وتعزيز إنتاجية التربة"، وهو موضوع يذكرنا بأن عكس اتجاه تدهور الأراضي يستغرق سنوات عديدة. ولا يمكن تحقيقه إلا من خلال العمل المنسق والمشاركة المجتمعية القوية والتعاون على جميع المستويات. وهذا هو النهج الذي تتبعه الوكالة الدولية للطاقة الذرية (الوكالة) في دعم العلماء في جميع أنحاء العالم بشأن استخدام التقنيات النووية لتقييم الاحتياجات من مياه المحاصيل وحالة المغذيات وتآكل التربة لتنفيذ الممارسات الزراعية التي توقف تملح التربة.

جهود حفظ التربة والمياه في مختلف البلدان.

تطبق الوكالة، بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، تقنيات نظيرية مختلفة لتحديد كفاءة استخدام المياه والمغذيات وتعزيز خصوبة التربة وإنتاجيتها للزراعة المراعية للمناخ، ووقف ملوحة التربة. وتشمل هذه التقنيات استخدام النظير المستقر النيتروجين-15 لتحديد كفاءة استخدام الأسمدة النيتروجينية لكي يتسنى تطبيق النوع والكمية الصحيحين، وتقنية النويدات المشعة المتساقطة للمساعدة على تحديد معدل تآكل التربة وفعالية ممارسات حفظ التربة؛ واستخدام مسبار نيوتروني لقياس رطوبة التربة من أجل تحديد مستوى الرطوبة في التربة وتحديد متى يجب إضافة المياه وما هي الكمية التي يجب إضافتها.

مساعدة رعاة الماساي على جعل المحاصيل تزدهر من خلال تحويل الأراضي المتدهورة إلى أرض سليمة.(الصورة: ل. - هنغ/الوكالة الدولية للطاقة الذرية)

وقد نُفذت هذه التقنيات النووية في العديد من البلدان في أفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ والبلدان العربية وأمريكا اللاتينية، من خلال برنامج التعاون التقني التابع للوكالة الذي يدعم اعتماد تقنيات زراعية مراعية للمناخ. وقال لي هنغ، رئيس قسم إدارة التربة والمياه وتغذية المحاصيل في المركز المشترك بين الفاو والوكالة لاستخدام التقنيات النووية في الأغذية والزراعة: "وفقا للأمم المتحدة، فإن ما يقرب من 20٪ من النباتات على سطح الأرض إما تشهد تدهوراً شديداً أو تسجِّل معدلات تدهورٍ عالية، حيث إنَّ 12 مليون هكتار من الأراضي تصبح غير قابلة للاستعمال كل عام بسبب تدهور حالتها"." كما أنَّ مواصلة الزراعة دون إضافة الأسمدة الكافية، والرعي المفرط، وعدم وجود ممارسات حفظ التربة والمياه، وحرائق الغابات العشوائية، فضلا عن ملوحة التربة، كلها عوامل تسهم في تدهور التربة. ويمكن للتقنيات النظيرية أن تحدد أسباب ذلك التدهور وبالتالي توفير المعلومات اللازمة للتغلب على هذه المشاكل". كما تستخدم بعض المبادرات الجارية تكنولوجيا الاتصالات الحديثة. ففي كينيا على سبيل المثال، تمكَّن المزارعون بفضل استخدام تكنولوجيا الهواتف المحمولة من معرفة الوقت المناسب للري واستخدام الأسمدة، استنادا إلى البيانات التي تُنقل إليهم من محطات الأرصاد الجوية التي رُكِّبت بدعم من الوكالة، من خلال برنامجها للتعاون التقني.

مساعدة المزارعين على زراعة المزيد من المحاصيل باستخدام الري بالتنقيط في السودان

بسبب الظروف الجوية الصعبة في منطقة كسلا في الجزء الشرقي من السودان، يواجه صغار المزارعين الأسريين تحديات زراعة محاصيل كافية للحفاظ على سبل عيشهم بسبب ندرة المياه وعدم إمكانية الوصول إلى مصادر المياه الأخرى مما يسبب ضياع المحاصيل. ويهدف المركز المشترك بين الفاو والوكالة وهيئة البحوث الزراعية السودانية إلى زيادة الغلة عن طريق إدخال نظم أسرية صغيرة للري بالتنقيط من أجل التغلب على الإجهاد المائي في الزراعة. وقد عملا على جعل التكنولوجيات القائمة مثل الري بالتنقيط تلبي احتياجات هذه المنطقة الزراعية المحددة، وأشركا العلماء في تدريب المزارعين على إنشاء نظام الري بالتنقيط ووضع جدول زمني لتوفير الري لمحاصيلهم.

ونتيجة لهذا المشروع، تستفيد المزارع الصغيرة والحدائق المنزلية والنساء وأسرهن وقرى بأكملها من الحصول على جميع أنواع الخضروات، من البصل والباذنجان إلى البامية والخضر الورقية. وقد أدى نجاح هؤلاء المزارعين إلى انتشار العمل من قرية إلى أخرى. وقد أدمج الهلال الأحمر السوداني المزيد من المجتمعات الزراعية باستخدام هذه التكنولوجيا في محاولة لمساعدة المزيد من المزارعين على التكيف مع تغير المناخ، وفي نهاية المطاف، تحسين سبل العيش وتخفيف حدة الفقر في البلاد.

إثبات فعالية الطريقة التقليدية لحفظ التربة في تونس بالتقنيات النووية

في تونس، أُزيلت بعض أنواع التربة الأكثر خصوبة في البلاد بسبب تغير المناخ وزيادة تآكل التربة وتدهور الأراضي وانسداد البحيرات.

ويتطلب عكس هذا الاتجاه حماية البيئة، وحفظ التربة. وقد ساعدت التقنيات النووية مثل النويدات المشعة المتساقطة على تقييم فعالية الأساليب التقليدية لحفظ التربة وبالتالي تحسين ممارساتها.

و هناك مشروع بدعم من الوكالة ، وبالشراكة مع الفاو، وبالتعاون مع المركز الوطني للعلوم والتكنولوجيات، يستخدم السيزيوم ـ35 ككاشف لقياس معدل تآكل التربة وإثبات كفاءة أساليب الحفظ.

وينطوي أحد هذه الأساليب على  وضع حواجز ترابية لحفظ التربة تهدف إلى حفظ التربة والمياه.

وفي مستجمعات المياه التجريبية التي تبلغ مساحتها 335 هكتارا في الصبية بشمال تونس، تم تقييم حقلين منحدرين يزرعان القمح أحدهما يستخدم الحواجز الترابية لحفظ التربة والآخر لا يستخدمها. وشمل العمل إنشاء سلسلة من التربة يبلغ ارتفاعها 80 سم، وتقع على بعد حوالي 40 متراً من بعضها بعض.

وأوضح إميل فولاجتار، عالم التربة في المركز المشترك بين الفاو والوكالة لاستخدام التقنيات النووية في الأغذية والزراعة، أن "كل سلسلة من التلال تكسر طول المنحدر الفعال وتخلق حاجزا أمام جريان المياه السطحية، وبالتالي تقلل من تآكل التربة .“

وقد استخدم السيزيوم ـ137 لتقدير كمية التربة التي أزيلت بسبب التآكل. وأظهرت النتائج أن التلال خفضت تآكل التربة بنسبة 41 في المائة، من 37 إلى 22 طن/هكتار في السنة.

وقال أوسلاتى منصور، رئيس المركز الوطني للعلوم و التكنولوجيا النووية  بتونس، "تستخدم نتائج الدراسة لتوجيه الاستراتيجية الوطنية لوزارة الزراعة التونسية بشأن حفظ المياه والتربة".

وسيقوم المركز بدراسات إضافية لزيادة تحسين هذا الأسلوب، وستُعمَّم الحواجز الترابية لحفظ التربة على مناطق أخرى كجزء من استراتيجيات حفظ التربة.

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية