You are here

اثنان من علماء الوكالة يستهلان بعثة إلى المنطقة القطبية الجنوبية لدراسة أثر المواد البلاستيكية الدقيقة

2/2024
قاعدة إسبيرانزا القطبية الجنوبية التابعة للأرجنتين
IAEA NUTEC Antarctica

اثنان من علماء الوكالة يستهلان بعثة إلى المنطقة القطبية الجنوبية لدراسة أثر المواد البلاستيكية الدقيقة.

بالتعاون مع الأرجنتين، أطلقت الوكالة الدولية للطاقة الذرية (الوكالة) اليوم أولى بعثاتها البحثية العلمية للتحري عن وجود المواد البلاستيكية الدقيقة في القارة القطبية الجنوبية، في إطار الجهود الرامية إلى مكافحة هذه المشكلة البيئية الآخذة في التفاقم، بما في ذلك في أقصى بقاع الأرض.

وانضم رئيس الأرجنتين، السيد خافيير ميلي، والمدير العام للوكالة، السيد رافائيل ماريانو غروسي، إلى فريق الوكالة العلمي في قاعدتي مارامبيو وإسبيرانزا التابعتين للأرجنتين في القارة القطبية الجنوبية احتفالاً ببدء البعثة. وكان بين الحضور أيضا وزير الدفاع السيد لويس بيتري، ووزير الداخلية السيد غييرمو فرانكوس، ووزيرة الخارجية السيدة ديانا موندينو. وسيغادر الفريق البحثي المؤلف من اثنين من العلماء لمدة شهر واحد لتقييم أثر المواد البلاستيكية الدقيقة من خلال التحري عن وجودها وتوزيعها في مياه البحر والبحيرات والرواسب والرمال ومياه الصرف والحيوانات في المنظومة البيئية في القارة القطبية الجنوبية بالقرب من محطة كارليني للبحوث العلمية التابعة للأرجنتين.

وتنفذ الوكالة هذه البعثة إلى القارة القطبية الجنوبية في إطار مبادرتها المعروفة باسم مبادرة نيوتيك لمكافحة التلوث بالمواد البلاستيكية. وقد أطلقت الوكالة هذه المبادرة الرائدة في عام 2020 بهدف استخدام التكنولوجيات النووية في مكافحة التلوث بالمواد البلاستيكية. ومن خلال شبكة من المختبرات المعنية برصد المواد البلاستيكية، تعمل مبادرة نيوتيك على استخدام التقنيات النووية والنظيرية لإنتاج بيانات عن التوزيع البحري للمواد البلاستيكية الدقيقة عن طريق أخذ العينات وتحليل مدى انتشار المواد البلاستيكية الدقيقة في البيئة. وتُعدُّ هذه البيانات العلمية الدقيقة معلومات مهمة لوضع التدابير والسياسات المعنية بالتخفيف من أثر المواد البلاستيكية والتخلص منها.

وكان أول دليل على وجود مواد بلاستيكية دقيقة في القارة القطبية الجنوبية هو اكتشاف جسيمات بلاستيكية يقل قطرها عن 5 مم في الجليد الملاصق لساحل القارة، وكان ذلك في عام 2009 بناء على عينات أخذها باحثون من جامعة تاسمانيا من الجليد البحري في شرق القارة. ورغم ذلك، فحتى الآن لا تكاد تتوفر أي معلومات عن أماكن وجود المواد البلاستيكية الدقيقة وكمياتها ومقدار ما تمتصه الكائنات الحية منها في المنطقة القطبية الجنوبية. كذلك لا يتوفر إلا قدر ضئيل للغاية من البيانات حول أنواع المواد البلاستيكية الدقيقة التي تصل إلى هذه المنطقة البكر من خلال التيارات المحيطية والترسيبات الجوية والوجود البشري.

وخلال فعالية عُقدت بمناسبة إطلاق البعثة في 6 كانون الثاني/يناير في قاعدة مارامبيو القطبية الجنوبية التابعة للأرجنتين، قال المدير العام غروسي إن اكتشاف المواد البلاستيكية الدقيقة في بيئة القارة القطبية الجنوبية التي كانت يوماً بكراً لم تُمس هو شاهد يدل على سعة انتشار هذه الملوثات وتأثيرها الضار. وأضاف قائلاً: "إن المواد البلاستيكية الدقيقة مشكلة عالمية، لكن المجتمع الدولي لا يزال يفتقر إلى البيانات العلمية اللازمة لاتخاذ قرارات مدروسة بشأنها. وهذا هو الهدف من مبادرة نيوتيك لمكافحة التلوث بالمواد البلاستيكية: فمن خلال فهم منشأ المواد البلاستيكية وحركتها وأثرها، يمكننا اتخاذ قرارات مدروسة بشأن كيفية معالجة هذه المشكلة".

ويمكن لوجود المواد البلاستيكية الدقيقة أن يسهم في تسريع معدل فقدان الجليد في القارة القطبية الجنوبية من خلال التقليل من قدرة الجليد على عكس الضوء، وتغيير مستوى خشونة الأسطح، وزيادة النشاط الميكروبي، والعمل كعوازل حرارية، وإضعاف بنية الجليد من الناحية الميكانيكية. وبالاقتران مع تغير المناخ والظروف الجوية والتأثيرات المحيطية، سيؤدي وجود المواد البلاستيكية الدقيقة إلى زيادة الأثر المدمر الناجم عن ذوبان الجليد القطبي في القارة القطبية الجنوبية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن دخول المواد البلاستيكية الدقيقة إلى السلسلة الغذائية للكائنات الحية في القارة القطبية الجنوبية يؤثر سلبا في صحة الحياة في القارة وفي قدرة هذه الكائنات على الصمود أمام تغير المناخ.

إبرام معاهدة دولية 

في قرار صدر في آذار/مارس 2022، تعهدت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالشروع في إجراء مفاوضات من أجل إبرام معاهدة عالمية جديدة بشأن حظر التلوث بالمواد البلاستيكية بما في ذلك في البيئة البحرية، بهدف اعتماد هذه المعاهدة رسميا بحلول عام 2025.

ومع التوسع المستمر في الشبكة التي تديرها الوكالة في إطار مبادرة نيوتيك للمختبرات المعنية برصد التلوث البحري بالمواد البلاستيكية (الدقيقة)، بما في ذلك في المنطقتين القطبيتين، ستؤدي الشبكة دورا حاسما في توفير الأدلة العلمية الأساسية لدعم اتخاذ قرارات مدروسة أثناء مفاوضات إبرام المعاهدة والمساهمة في تنفيذها بفعالية، لا سيما في سياق البيئة البحرية.

وشدد المدير العام غروسي على أن "سلامة القارة القطبية الجنوبية، بوصفها بقعة من الحياة البرية الخالصة على كوكب الأرض، أمر بالغ الأهمية لصحة الكوكب كله. وحرصاً منا على أن نكون حاضرين بجهودنا في جميع أنحاء العالم، فقد أتينا بخبراتنا المتخصصة إلى القارة القطبية الجنوبية حيث يمكن أن نسهم في تحقيق تغيير نحن في أمس الحاجة إليه."

تسخير دقة العلوم النووية

على مدى الشهر المقبل، سيعمل اثنان من الخبراء التابعين للوكالة على رصد وجود المواد البلاستيكية الدقيقة في البيئة في 22 موقعا بالقرب من قاعدة كارليني البحثية في بيئات مختلفة تشمل مياه المحيط الجنوبي والبحيرات القطبية الجنوبية وأراضي القارة القطبية. وسيأخذ الخبيران عينات من مياه البحر من 12 موقعا، وعينات من الرواسب من أربعة مواقع، وثلاث عينات من البحيرات، وعينات من ثلاثة شواطئ رملية مختلفة. وسيعمل الفريق أيضا على رصد وجود المواد البلاستيكية الدقيقة في الكائنات الحية من خلال جمع المحار وحيوانات البطلينوس الرخوية وبراز طيور البطريق.

وتضطلع الوكالة بهذا العمل من أجل معالجة ورصد وجود المواد البلاستيكية الدقيقة في القارة القطبية الجنوبية بالتعاون مع المعهد الأرجنتيني للمنطقة القطبية الجنوبية (المعهد القطبي الأرجنتيني)، وهو المكتب المسؤول عن إسداء المشورة وإجراء البحوث والدراسات العلمية والتقنية في القارة القطبية الجنوبية، والمديرية الوطنية للمنطقة القطبية الجنوبية، وهي الجهة المسؤولة عن توجيه النشاط العلمي والتقني في المنطقة القطبية الجنوبية والإشراف عليه ومراقبته.

وخلال الشهر المقبل، سيعكف فريق الوكالة على جمع العينات وإعدادها وإرسالها إلى مختبرات البيئة البحرية التابعة للوكالة في موناكو لتحليلها. وسيُستخدم التحليل الطيفي الاهتزازي لحساب عدد الجسيمات البلاستيكية الدقيقة وتحديد أنواع البوليمرات لتقييم المصادر المحتملة للتلوث بالمواد البلاستيكية الدقيقة.

وستُرسل العينات أيضا إلى المعهد القطبي الأرجنتيني في بوينس آيرس، الذي شهد تركيب مجهر وجهاز لقياس الطيف من أحدث طراز في إطار مبادرة نيوتيك لمكافحة التلوث بالمواد البلاستيكية، كما شهد تقديم سلسلة من التدريبات لتعزيز القدرات البحثية في الأرجنتين في مجال دراسة المواد البلاستيكية الدقيقة.

وتعمل مختبرات البيئة التابعة للوكالة في موناكو، منذ إنشائها في عام 1961، على تزويد الدول الأعضاء في الوكالة بالأدوات والمعارف اللازمة لفهم ومواجهة التحديات الملحة المتصلة بالبيئة البحرية. وتستضيف الوكالة مختبر البيئة البحرية الوحيد التابع لمنظومة الأمم المتحدة.

وتستند مبادرة نيوتيك لمكافحة التلوث بالمواد البلاستيكية (مبادرة استخدام التكنولوجيا النووية لمكافحة التلوث بالمواد البلاستيكية) إلى جهود الوكالة الرامية لمعالجة التلوث بالمواد البلاستيكية من خلال إعادة التدوير باستخدام التكنولوجيا الإشعاعية والرصد البحري بالاستعانة بتقنيات الاقتفاء النظيري. وتعمل المبادرة على توفير أدلة قائمة على أسس علمية لتصنيف وتقييم التلوث البحري بالمواد البلاستيكية الدقيقة، كما تعمل على إثبات إمكانية استخدام الإشعاعات المؤينة في إعادة تدوير المواد البلاستيكية، وتحويل النفايات البلاستيكية إلى موارد قابلة لإعادة الاستخدام.

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية