You are here

تحسين الجودة مع التوفير في التكاليف: المغرب يعزِّز قطاع الصناعة لديه باستخدام التكنولوجيا الإشعاعية

,

أخصائي من المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية بصدد مسح عمود تقطير معبَّأ بفراغ تام طوله ٧٥ متراً في أحد معامل التكرير في المغرب. (الصورة من: رشاد العلمي، المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية بالمغرب)

لم يعد ظهور الشقوق الصغيرة التي تكاد تكون غير مرئية يشكِّل ذلك الخطر المكلِّف الذي كان مشغِّلو المرافق الصناعية في المغرب يخشونه في الماضي. فبفضل ما صار لديهم من التكنولوجيا الإشعاعية العالية الحساسية والدقة، يكشف هؤلاء المشغِّلون الآن عن العيوب قبل أن تضرَّ بالإنتاج والعمليات الصناعية — وهو ما ساعد على زيادة جودة الإنتاج وتوفير ملايين الدولارات التي كانت تُنفق على تكاليف الصيانة والإصلاح.

وقال رشاد العَلَمي، مدير شعبة التطبيقات الصناعية في المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية في المغرب: "إنَّ مشغِّلي المرافق الصناعية كانوا يشغِّلون مرافقهم إلى أن يجبرهم وقوع أعطال غير متوقَّعة إلى إغلاق تلك المرافق لفترات زمنية طويلة للغاية. وفي الماضي، كانت تكاليف الصيانة والإصلاح مرتفعة جداً، وكان هذا الأمر يضر بالقدرة التنافسية. والآن، تُستخدم التقنيات النووية للكشف عن المشاكل وتحسين جودة الإنتاج".

وقد عمل مشغِّلو المرافق الصناعية في المغرب مع أخصائيين من المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية تلقوا تدريباً في الوكالة على استخدام الاختبار غير المتلف لفحص المعدات الصناعية وإجراء اختبارات ضمان الجودة. وتمثِّل هذه التقنيات أكثر من ٩٨% من الضوابط التقنية التي تُنفَّذ في المصانع في جميع أنحاء العالم، ويجري تطبيقها في المغرب في طائفة متنوعة من فروع الصناعة، بما في ذلك قطاعات المواد البتروكيميائية، وإنتاج المواد الفوسفاتية ومعالجتها، والمعادن، والنقل، والأغذية، والأسمنت.

و قال العلمي إنَّ الصناعة المغربية استفادت كثيراً على مدى العقود الثلاثة الماضية من التكنولوجيا الإشعاعية. ورغم صعوبة الحصول على أرقام دقيقة بشأن الوفورات المُحققَّة نتيجة لتطبيق التكنولوجيا النووية، يتفق مشغِّلو المرافق الصناعية في المغرب على أنَّ النسبة الدنيا للفائدة المتأتية من استخدام التقنيات النووية هي ١:٣٢— بمعنى أنَّ المشغِّلين يحقِّقون من كل يورو يُنفَق على الاختبار غير المتلف والمقتفيات الإشعاعية وغيرها من التطبيقات الإشعاعية عائداً لا يقلُّ عن ٣٢ يورو.

المسح بأشعة غاما يساعد على استئناف عمليات التشغيل في معامل تكرير المنتجات البتروكيميائية

كثيراً ما تكون الأساليب التقليدية غير دقيقة أو غير حساسة بالقدر الكافي لتحديد أصل مشكلة ما. وفي عام ٢٠١٥، استخدم مهندسون عاملون في أحد معامل تكرير المنتجات البتروكيميائية تقنيات تقليدية للبحث عن السبب الكامن وراء انخفاض القدرة التشغيلية بنحو ٩٠% في وحدة لإنتاج الفورفورال (الفورفورال هو مُذيب يستخدم في صنع العديد من المنتجات الصناعية). ولم يتمكنوا من تحديد مصدر المشكلة وقرَّروا أنَّهم بحاجة إلى تفكيك الوحدة بأكملها، وهو ما من شأنه وقف الإنتاج لمدّة أسابيع.

وقبل الشروع في تفكيك الوحدة، قرروا أن يجرِّبوا تقنية إشعاعية تُسمَّى المسح بأشعة غاما (انظر مربع العلوم) لتكوين فكرة أفضل عمَّا يجري داخل الوحدة وتحديد مصدر المشكلة. وفي غضون ساعات، كانوا قد حدَّدوا المشكلة واستبدلوا الجزء التالف من الوحدة بحيث استعادت قدرتها التشغيلية كاملة.

وقال العلمي: "لقد كان المسح بأشعة غاما التقنية الوحيدة القادرة على الكشف عن المشكلة وتحديد مكان وجودها بدقة". "وكان استخدام هذه التقنية، الذي يُكلِّف ٥٠٠٠ يورو، أرخص كثيراً مقارنة بالخسائر الفادحة التي كنا سنتكبَّدها لو فكَّكنا الوحدة بأكملها".

الترويج للتكنولوجيا الإشعاعية في المغرب وأفريقيا

يُوظِّف الأخصائيون في المغرب اليوم ثمرة ما اكتسبوه على مر العقود من خبرات لدعم البلدان في جميع أنحاء أفريقيا في استخدام تقنية الاختبار غير المتلف والمصادر المشعة المختومة والمقتفيات الإشعاعية. وقال باتريك بريسيت، وهو خبير في التكنولوجيا الصناعية لدى الوكالة: "إنَّ المغرب يضطلع منذ تسعينات القرن الماضي بدور قيادي في مجال تطبيق تكنولوجيات الإشعاع بفضل الالتزام الذي أبداه المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية والدعم المقدَّم من فرنسا ومن الوكالة".

ويؤدِّي الاتفاق التعاوني الإقليمي الأفريقي للبحث والتنمية والتدريب في مجال العلم والتكنولوجيا النوويين (اتفاق أفرا) الذي تدعمه الوكالة دوراً محوريًّا في أنشطة التعاون التي يضطلع بها المغرب في المنطقة. وقد ساعد برنامج أفرا على إقامة تعاون مباشر بين المغرب والعديد من البلدان الأخرى مثل إثيوبيا، وأنغولا، وتونس، وتنزانيا، وزمبابوي، والسنغال، والسودان، وغانا، والكاميرون، ومصر. ونتيجة لهذا التعاون، تمكَّن عدد من هذه البلدان من تنفيذ تقنيات نووية وتقنيات ذات صلة بالمجال النووي في صناعاته المحلية.

وقال بريسيت أيضًا: "إنَّ التصنيع يشهد انطلاقة حقيقية في العديد من البلدان في القارة الأفريقية. وتعمل الوكالة مع بلدان مثل المغرب على الترويج للاستخدام السلمي للتكنولوجيات الإشعاعية بهدف إحداث تأثير فوري في اقتصاديات هذه البلدان".

وتُواصل الوكالة، جزئيًّا من خلال برنامجها للتعاون التقني، تحفيز استخدام هذه التقنيات ودعم التعاون. وما فتئ المغرب يعمل على مشاريع صناعية تُستخدم فيها التكنولوجيا الإشعاعية بالاشتراك مع جمهورية الكونغو الديمقراطية وزمبابوي والسودان وكينيا ومصر.

__________

هذا الموضوع هو واحد من عدَّة مواضيع سوف يناقشها أكثر من 300 خبير ومسؤول في المؤتمر الدولي لتطبيقات العلوم والتكنولوجيا الإشعاعية الذي سيُعقد في الفترة من ٢٤ إلى ٢٨ نيسان/أبريل ٢٠١٧. ويمكنكم معرفة المزيد عن المؤتمر بالنقر هنا ومتابعة آخر التحديثات على وسائل التواصل الاجتماعي، #ICARST17.

في الماضي، كانت تكاليف الصيانة والإصلاح مرتفعة جداً، وكان هذا الأمر يضر بالقدرة التنافسية. والآن، تُستخدم التقنيات النووية للكشف عن المشاكل وتحسين جودة الإنتاج.
رشاد العلمي، مدير شعبة التطبيقات الصناعية في المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية، المغرب

(الصورة من: رشاد العلمي، المركز الوطني للطاقة والعلوم والتقنيات النووية بالمغرب)

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية