You are here

ما هو الغش الغذائي وكيف يمكن كشفه باستخدام العلوم النووية؟

شرح الموضوعات النووية
,

لا يسع المستهلكون أن يكشفوا دائماً حالات الغش الغذائي حين يشترون منتجاتهم الغذائية. (الرسم المعلوماتي: ماريا بلاتونوفا/الوكالة).

يمكن تعريف الغش الغذائي على أنه أي فعل متعمَّد يُقصد منه خداع المستهلكين بتزويدهم بمعلومات خاطئة عن جودة المنتجات الغذائية ومكوِّناتها لتحقيق مكاسب مالية. وبات بيع الأغذية المغشوشة في بلدان العالم كافة نشاطاً غير مشروع يتيح جني الكثير من الأموال. ومع أنه يصعب تقدير الأثر الاقتصادي العالمي للاتجار بالأغذية المغشوشة بسبب تعمُّد بائعِي هذه الأغذية إخفاء أفعالهم، يعتبر بعض الخبراء أنه قد يصل إلى 40 مليار دولار في السنة.

ومن المهم للمستهلكين أن يكونوا على ثقة تامة بجودة الأغذية التي يشترونها وبسلامتها. ويفضِّل الكثير من الأشخاص شراء سلع من علامات تجارية معيَّنة لحسن سمعتها وجودتها العالية. وقد لا يتردد البعض حتى في شراء منتجات غذائية غالية الثمن لما تتميز به من الخصائص والمكوِّنات. وهذا ما يغري مرتكبِي أعمال الغش الذين يحاولون جني الأرباح بالاستعاضة عن المكوِّنات العالية الجودة بأخرى أرخص ثمناً ووضع فارق السعر في جيوبهم.

وقد لا يكون التخفيف من مخاطر الغش الغذائي أمراً سهلاً. فالغش يمكن أن يحصل في أي مرحلة من مراحل سلسلة الإمداد الغذائي، ويستحيل في بعض الأحيان كشف حالات الغش بلا استخدام معدات خاصة. وفي البلدان النامية، تتفاقم المشكلة بسبب عدم توافر ما يلزم من القدرات التقنية لكشف الغش الغذائي.

أنواع الغش الغذائي

للغش الغذائي أنواع مختلفة، وقد ينطوي المنتج الغذائي الواحد على نوع أو أكثر من أنواع الغش. المصدر: استناداً إلى بيانات صادرة عن المفوضية الأوروبية (2020) (الرسم المعلوماتي: ماريا بلاتونوفا/الوكالة).

- التخفيف بالمزج - خلط مكوِّن سائل عالي القيمة بسائل أقل قيمةً لتقليل التركيز وخفض تكاليف الإنتاج.

- الوسم المضلِّل - وضع معلومات خاطئة على غلاف المنتج أو على الملصق.

- تحسين الأغذية بلا موافقة - إضافة مواد غير معروفة/غير معلنة إلى منتج غذائي.

- استبدال المكوِّنات - الاستعاضة عن مكوِّن أو جزء عالي القيمة في المنتج بمكوِّن/جزء آخر أقل قيمةً.

- إخفاء المكوِّنات - تعمُّد عدم تبيان مكوِّنات أو منتجات غذائية متدنية الجودة.

- التزوير - نسخ اسم علامة تجارية أو تصميم أو وصفة أو تقنيات فريدة.

- الإنتاج في السوق الموازية/السرقة/التحريف - بيع منتجات غير مسجَّلة.

الضرر الناجم عن الغش الغذائي

الضرر اللاحق بصحة الإنسان. يمكن أن يضرَّ الغش الغذائي بصحة المستهلك في حال إضافة مواد سامة أو إزالة عناصر غذائية أساسية لأغراض الغش. ويزيد ذلك من خطر الإصابة بأمراض منقولة عن طريق الغذاء وقد يؤدي إلى ردود فعل تحسسية بسبب عدم تحمُّل مكوِّنات غذائية محددة يمكن أن تكون قد أُضيفَت خلسةً إلى المنتجات الغذائية المغشوشة.

مثل: يضيف مرتكبو أعمال الغش شراب السكر الرخيص لخفض التكلفة الصافية للعسل ويسبب هذا المكوِّن المخبأ رد فعل تحسسياً لدى المستهلك. (الرسم المعلوماتي: ماريا بلاتونوفا/الوكالة).

الضرر الاقتصادي. عندما يُزوَّر منتج ما، تتردى جودته بوجه عام. ولا يحصل المستهلكون على ما يتوقعون الحصول عليه لقاء المال الذي دفعوه. كذلك، يؤثِّر الغش الغذائي سلباً في أداء الشركات المشروعة التي تفقد بعض زبائنها بسبب مبيعات المنتجات الغذائية المغشوشة. والمنتجات الغالية الثمن مثل فطر الكمأ هي عرضة للغش شأنها في ذلك شأن المنتجات التي تُستخدَم يومياً مثل العسل.

مثل: العسل الذي تُضاف إليه مكوِّنات أرخص يفقد جودته ولكنَّ مرتكبِي أعمال الغش يبيعونه بسعر العسل الطبيعي لزيادة أرباحهم باستخدام مكوِّنات أرخص. (الرسم المعلوماتي: ماريا بلاتونوفا/الوكالة).

الضرر اللاحق بالتجارة الدولية. بحكم عولمة التجارة وازدياد الطابع المعقد لعمليات الإنتاج وسلاسل الإمداد، بات هناك المزيد من المخاطر ومَواطن الضعف المقترنة بالغش في الأغذية والمكوِّنات والمواد على امتداد خطوط الإنتاج. وسبب ذلك هو صعوبة مراقبة ما يحصل في كل مراحل سلسلة الإمداد، ولا سيما حين تنطوي على الكثير من الأنشطة وتشمل بلداناً مختلفة.

مثل: قد تحصل أنواع مختلفة من الغش الغذائي في كل مرحلة من مراحل سلسلة الإمداد الغذائي. (الرسم المعلوماتي: ماريا بلاتونوفا/الوكالة).

كيف يكشف العلماء النوويون الغش الغذائي؟

لكل عنصر في الطبيعة هويته الكيميائية الخاصة. ويستمد هذه الهوية من تركيبته الذرية، أي مما يتضمنه من النيوترونات والبروتونات والإلكترونات. وتُعرَف الذرات التي تحتوي على العدد نفسه من البروتونات ولكن على عدد مختلف من النيوترونات باسم النظائر. ويمكن أن تساعد النظائر العلماء على تحديد ما إذا كان منتج ما أصلياً أم لا.

وقد تختلف نسب النظائر المستقرة في الأغذية بسبب عوامل عدة منها وقت إنتاج الأغذية ومكان إنتاجها والظروف البيئية التي أُنتجَت فيها. وعلى سبيل المثال، يمكن أن يساعد تحليل النظائر المستقرة على تأكيد أصالة الرز العالي الجودة الذي يحمل ملصقاً يبيِّن منشأه الجغرافي والذي تكون تكلفته عادةً أعلى من تكلفة الأرز العادي. وقد يحاول مرتكبو أعمال الغش بيع الأرز المزور أو المتدني الجودة على أنه فاخر لتحقيق المنافع الاقتصادية.

وتُقاس النظائر المستقرة باستخدام معدات متخصصة من شأنها أن تكشف الفروق الصغيرة جداً في نسب النظائر الثقيلة والنظائر الخفيفة. ويمكن استخدام هذه المعلومات لتحديد منشأ الأغذية. ونسب النظائر المستقرة هي بمثابة ’بصمات‘ أو علامات مميزة تتركها الطبيعة في الأغذية. ومن شأن هذه الأدلة الخفية أن توفِّر معلومات عما إذا كانت المنتجات الغذائية التي نشتريها تحتوي على المكوِّنات الأصلية المذكورة في الملصق أم على مكوِّنات مغشوشة. وعن طريق تتبُّع هذه البصمات النظيرية، يمكن للعلماء أيضاً تحديد المنشأ الجغرافي أو النباتي للأغذية.

وفضلاً عن ذلك، تتيح النظائر كشف الغش في الأغذية والحالات التي يُستعاض فيها عن كل المكوِّنات بأخرى رخيصة الثمن لها البُنى الكيميائية ذاتها ولكن بصمات نظيرية مختلفة. وتشمل الأمثلة على ذلك استخدام النكهات الاصطناعية بدلاً من النكهات الطبيعية، وإضافة شراب الذرة العالي الفركتوز إلى العسل، واستخدام عصير البرتقال المركز بدلاً من عصير البرتقال الطازج.

من شأن الأنواع المختلفة من النظائر أن تساعد على تحديد أنواع الغش الغذائي المتعددة. (مصدر المعلومات: شركة ThermoFisher Scientific). (الرسم المعلوماتي: أدريانا فارغاس/الوكالة).

ما هو دور الوكالة؟

- بالاشتراك مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، تساعد الوكالة الدول الأعضاء فيها على استخدام التقنيات النووية والتقنيات المكمِّلة لها لإيجاد حلول قائمة على العلوم من أجل تحسين سلامة الأغذية، وتأكيد أصالتها وضمان أمنها، وتعزيز الممارسات الزراعية المستدامة.

ويعمل المركز المشترك بين الفاو والوكالة لاستخدام التقنيات النووية في الأغذية والزراعة على تطوير تكنولوجيات نووية لتحسين سلامة المنتجات الغذائية وجودتها، وتتبُّع منشئها، والتحقق من أصالتها.

- ويدعم المركز الدول الأعضاء في تحسين قدرات مختبراتها وهيئاتها الرقابية بما يتيح لها بيع المنتجات الغذائية المأمونة والعالية الجودة والتثبُّت من أصالتها باستخدام قياسات النظائر المستقرة.

- وإضافةً إلى ذلك، يجمع المركز أفضل الممارسات ويقدِّم الإرشادات بشأن استخدام التقنيات النووية للتحقق من منشأ المنتجات الغذائية مثل الألبان.

- ويضطلع المركز المشترك بين الفاو والوكالة بمشاريع بحثية منسَّقة عديدة تركز على استخدام التقنيات النووية والتقنيات المكمِّلة لها من أجل الكشف مثلاً عن الغش الغذائي أو التحقق من المنتجات التي يُزعَم في الملصقات الموضوعة عليها أنها ذات قيمة عالية.

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية