You are here

بعيداً عن الأنظار، ولكن في عقولهم: البرازيل وجيرانها يعملون معاً لحماية أحد أكبر خزانات المياه الجوفية في العالم

Under lush green fertile lands, the Guarani Aquifer spans over 1.2 million square kilometres

تحت أراضٍ خصبة خضراء، يمتد مستودع غواراني للمياه الجوفية لأكثر من ١.٢ مليون كيلومتر مربع، ويزود المنطقة بالمياه العذبة لأغراض الشرب والزراعة والسياحة. (الصورة من: م.ر. كاينانو-تشايغ/جامعة ولاية سان باولو)

إن مستقبل أكبر خزان للمياه الجوفية في أمريكا اللاتينية، الذي يتسم بالغموض، كان يثير قلق العلماء والأكاديميين والسياسيين في البرازيل والأرجنتين وباراغواي وأوروغواي سابقاً بشأن مصير موردهم الرئيسي للمياه العذبة. وبعد كشف أوجه الغموض باستخدام التقنيات النووية، أصبحت البرازيل وجيرانها الآن على معرفة جيدة بمستودع غواراني للمياه الجوفية، ويمكنهم أن يتوقعوا بثقة أن المياه المنبعثة من مستودع المياه الجوفية ستستمر في التدفق لمئتي سنة أخرى على الأقل، مع إطارهم الجديد للحماية والاستعمال المستدام.

وباستخدام هيدرولوجيا النظائر، وهي تقنية نووية، قامت البلدان الأربعة بتحليل وتقويم مستودع المياه الجوفية لتقييم عمر وأصل وتطور المياه الجوفية، وكذلك نوعيتها وأخطار التلوث. يقول هونغ كيانغ تشانغ، أستاذ في معهد علوم الأرض والعلوم الدقيقة بجامعة ولاية ساو باولو: "لقد قدمت الدراسات مساهمة بالغة للمشروع لأنها ولّدت صورة متكاملة لمستودع المياه الجوفية كله، مما ساعد على تفسير الكثير من الاستنباطات الجيولوجية والهيدروكيميائية والهيدروجيولوجية المهمة."

ويمتد مستودع المياه الجوفية، المختفي تحت أراضٍ خصبة خضراء، لأكثر من ١.٢ مليون كيلومتر مربع – أي ثلاثة أضعاف حجم بحر قزوين. ومع مخزونات تتجاوز ٠٠٠ ٣٧ كيلومتر مكعب من المياه العذبة في مسامه من الحجر الرملي وتصدعاته التي يعود تاريخها لما بين ٢٠٠ إلى ١٣٠ مليون سنة مضت تقريباً، فإنه يشكل مصدراً لمياه الشرب ولإمداد الصناعة والري الزراعي وسياحة المنتجعات الحرارية في المنطقة.

يقول تشانغ: "إنه أحد الموارد المدهشة للمياه الجوفية عبر الحدود وهو موجود منذ مئات الآلاف من السنين". "ويؤثر مستودع المياه الجوفية على حياة الملايين من الناس. وإذا لم يعد متاحاً، فإن أثر ذلك سيكون هائلاً ".

ويضيف تشانغ بأن مستودع المياه الجوفية مهم خصوصاً للبرازيل، حيث يستهلك البلد حوالي ٩٠ في المائة من إجمالي المياه المستخرجة سنوياً البالغ بليون متر مكعب، ويعتمد عليه ١٤ مليون شخص.

أثر التحضر

رغم أن معظم مستودع المياه الجوفية لا يزال سليماً، فقد أثّر التحضر سلباً على احتياطي المياه. يقول تشانغ: "لقد أنعمت الطبيعة على المنطقة بإمدادات وافرة من المياه، لكنها ليست كافية لإشباع كل احتياجات المجتمع الحديث إلى ما لا نهاية". ويوضح قائلاً: "إن استهلاك المياه يرتفع وأعداد السكان تتسع، وفي بعض المناطق، يمكن أن يشكل التلوث غير المحكوم والاستخدام غير المنظم للمياه تهديداً." ويشير قائلاً: "إن تغير المناخ سيؤثر بقوة أيضاً على سقوط الأمطار والبخر الكلي في مناطق تجدد مستودع المياه الجوفية."

يقول غيرونشيو روشا، الذي تقاعد مؤخراً من منصب منسق وحدة الإعداد لمشروع مستودع غواراني للمياه الجوفية بولاية ساو باولو، إن عواقب الاستغلال المفرط والتلوث تهدد إمدادات المياه المحلية بسبب الظروف الصحية السيئة، مما يمكن أن يؤدي، على المدى المتوسط، إلى اختلال التوازن البيئي لأسباب منها، على سبيل المثال، حالات نمو البكتيريا في الآبار غير المنظمة بشكل سليم أثناء الحفر.

وحتى وقت قريب، كانت البلدان الأربعة تفتقر إلى المعلومات التي تحتاجها لمعرفة كيف يؤثر التحضر على مستودع المياه الجوفية وأفضل السبل لحمايته واستخدامه بشكل مستدام. لذلك، اشتركَت في تطوير مشروع حماية البيئة والتنمية المستدامة لنظام مستودع غواراني للمياه الجوفية، المعروف أيضاً باسم مشروع غواراني.

يقول روشا: "كان الدافع الرئيسي وراء المشروع ذا طبيعة تقنية". ويضيف روشا أن ذلك يثير تساؤلات حول التدفقات المائية لمستودع المياه الجوفية وكمية المياه المتجددة، وكيف يؤثر عليها التلوث أو التلويث، وأين توجد مناطق التجدد والتصريف، وعمرها وتركيبها الكيميائي. ويقول روشا إنه بالإضافة إلى المناقشات حول الاستغلال غير المنظم للمياه الجوفية، "كانت هذه التساؤلات وغيرها هي أساس المخاوف".

وبدعم من عدة منظمات دولية، بما في ذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تم تصميم المشروع لاستخدام الدراسات العلمية والتقنية من أجل فهم مستودع المياه الجوفية وما هي التدابير اللازمة لحمايته واستخدامه بشكل مستدام. ووضعت البلدان سياسات لحماية مستودع المياه الجوفية وإدارته بشكل مستدام تأخذ في الاعتبار أيضاً الأبعاد المؤسسية والقانونية والاقتصادية والبيئية.

تأريخ عمر الماء

استمر تنفيذ مشروع مستودع غواراني للمياه الجوفية من عام ٢٠٠٣ إلى عام ٢٠٠٩، وأُطلِقت خطة العمل الاستراتيجي الناتجة في عام ٢٠١١. يقول لويس آراغواس-آراغواس، أخصائي هيدرولوجيا النظائر في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إنه رغم أن المشروع أدى إلى قواعد بيانات شاملة للمعلومات المتصلة بمستودع المياه الجوفية، "لا يزال هناك المزيد من العمل المطلوب لتوفير معلومات إضافية حول مستودع المياه الجوفية وخصائصه الهيدرولوجية".

يؤثر مستودع المياه الجوفية على حياة الملايين من الناس. وإذا لم يعد متاحاً، فإن أثر ذلك سيكون هائلاً .
هونغ كيانغ تشانغ، أستاذ بمعهد علوم الأرض والعلوم الدقيقة، جامعة ولاية ساو باولو، البرازيل

وكانت هناك منذ ذلك الوقت عدة مشاريع للمتابعة قامت بها البلدان الأربعة، منها مشروع جارٍ للمتابعة نظمته الوكالة الدولية للطاقة الذرية مع البرازيل والأرجنتين لمواصلة دراسة عمر مستودع المياه الجوفية باستخدام هيدرولوجيا النظائر. وكشف المشروع حتى الآن أن المياه الجوفية في الأجزاء الوسطى من مستودع المياه الجوفية يصل عمرها إلى ٠٠٠ ٨٠٠ سنة.

وتاريخياً، كانت إدارة المياه في المنطقة تركز أساساً على المياه السطحية، رغم الدور المهم لمصادر المياه الجوفية. يقول روشا: "اليوم، بعد المشروع، هناك قدر أكبر من الوعي العام بالتهديدات الفعلية والمحتملة لمستودع المياه الجوفية". "وإدراك السكان لأهمية مستودع المياه الجوفية أمر أساسي لإدارته بنجاح".

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية