إثر الكوارث الطبيعية الهائلة في الآونة الأخيرة في إكوادور ونيبال، وبيرو، وفي العام الماضي فقط، في منطقة البحر الكاريبي والمكسيك، كانت الوكالة سريعة في توفير المساعدات الطبية وأشكال أخرى من المساعدات باستخدام التكنولوجيا النووية لمساعدة البلدان على الحفاظ على الخدمات الأساسية في أعقاب هذه الكوارث. وساعد هذا الدعم، من وحدات الأشعة السينية النقالة وأطقم الكشف عن فيروس زيكا إلى الاختبار غير المتلف للبنية الأساسية، هذه البلدان في طريقها نحو التعافي.
وقال رودريغو سالاس بونس، وكيل الوزارة لشؤون الرقابة والبحوث والتطبيقات النووية في وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة في إكوادور: "عندما تشهد زلزالاً فإن كل بنيتك الأساسية والاستراتيجية تتضرَّر : الكهرباء والماء وخدماتك الصحية،" "وقد جاء ردّ الوكالة على طلبنا في ذلك الوقت الحرج—عندما كنا في أمسّ الحاجة له".
وفي نيسان/ أبريل ٢٠١٦، ضرب زلزال بقوة ٧.٨ درجات ساحل المحيط الهادي من اكوادور، محدثاً تصدُّعاتٍ في المنازل، وجاعلاً من الطرقات غير قابلة للمرور ومتسبِّباً في فيضانات وانجرافات طينية. ولقي أكثر من ٦٠٠ شخص مصرعهم، ونُقل أكثر من ٢٨٠٠٠ شخص إلى المستشفيات. وبالإضافة إلى البنية الأساسية العمومية الأخرى التي تضرّرت بفعل الزلزال، غدا ما يقارب عشرة مستشفيات و١٠٠ عيادة ، التي لها دور محوري في التصدي للطوارئ،غير صالحة للعمل.
واستجابة لطلب الحكومة لتقديم المساعدة الطارئة، أرسلت الوكالة على الفور معدات أشعة سينية إلى المناطق المتضرّرة. وأتاحت الوكالة عبر برنامجها للتعاون التقني وبدعمٍ من مبادرة الاستخدامات السلمية نُظم أشعة سينية رقمية نقالة، بما في ذلك مولّدات الكهرباء والكواشف الشخصية المكمّلة لها. وسمحت وحدات الأشعة السينية النقالة للموظفين الطبيين بتشخيص ما يقرب عن ١٠٠٠٠ مريض.
وقال إنريكي إسترادا، وهو طبيب مختص بالطب النووي في الوكالة: "إن الرعاية الصحية الأساسية غالباً ما تحتاج التصوير التشخيصي بالأشعة السينية، لاسيما في أعقاب حادث ما،" "وإن كان متاحاً لك وحدة أشعة سينية محمولة ونقالة فذلك أفضل لأنها تسمح للأطباء بالذهاب إلى أماكن نائية، قاطعين كلّ الطريق وصولاً إلى سرير المريض، وكاشفين عمّا يجري داخل جسمه. وهذا أمر بالغ الأهمية في وضعية مثل حدوث زلزال حيث يتأثر العديد من الأشخاص بالتصادم ولا يستطيعون الحركة."
وقد أرسلت الوكالة أيضاً كواشف لفحص الإصابة بفيروس زيكا كردٍّ على حالة التفشّي الضئيلة لبعوض "أيديس إيجبتاي"، وهي النواقل التي تحمل الفيروس،والتي تسبب فيها الزلزال في غواياكويل، في الساحل الغربي الجنوبي للبلاد. وقال إسترادا: " عندما تتضرّر أنابيب المياه وشبكات الصرف الصحي، فإن البعوض الذي يعيش داخلها يهرب ولهذا يرتفع خطر إصابتك بالمرض".
وبالاستعانة بالمعدات المتبَرّع بها والتي تستخدم تكنولوجيا مستمدة من المجال النووي، كشف الطاقم الطبي عن وجود أكثر من ٢٠٠ حالة إصابة بفيروس زيكا، إضافة إلى ما يزيد عن ٦٠ حالة من حالات الحمى الدنجية وتقريباً ١٥ من حالات حمّى شيكونغونيا، ونُقلت كل هذه الفيروسات عن طريق هذا النوع من البعوض.
المساعدة إلى بيرو ومنطقة بحر الكاريبي
وتم تقديم النوع نفسه من المساعدة إلى بيرو التي تضررت منطقتها الشمالية على نحو كبير من الفيضانات والانهيارات الأرضية التي سبّبها ارتفاع مستوى سطح البحر عام ٢٠١٧. وقد أُبلغ عن ٢٢ حالة وفاة إلى جانب ارتفاع في أعداد الفيروسات المنقولة من طرف بعوضة "أيديس إيجبتاي" خصوصاً الحمى الدنجية.
وعلى غرار ذلك، تقوم الوكالة بإمداد كل من دومينيكا، وأنتيغوا وبربودا، وبربادوس التي ضربها الإعصار بوحدات أشعة سينية محمولة لتلبية الاحتياجات الطبية الأساسية بعد أن دمّر إعصارا إيرما وماريا في أيلول/سبتمبر ٢٠١٧ المستشفيات في هذه الجزر.
وقال إسترادا: "إننا نقدم المساعدة بما يندرج ضمن مجال خبراتنا: التشخيص الأساسي عبر التصوير النووي."
الكشف عن أصغر الشّقوق: باستخدام الاختبار غير المتلف لاختبار البنية الأساسية
بعد حدوث زلزال، حتى أصغر الشّقوق داخل مبنى ما يمكن أن يكون خطيراً،ويمكن أيضاً أن تُظهر للخبير ما إن كان هذا المبنى مأموناً للعيش أم لا، وما إن كان قابلاً للإصلاح أم وجب هدمه. ويعوّل الخبراء في إيجاد هذه الشقوق على الاختبار غير المتلف.
وتعتبر هذه التقنيات للتفتيش غاية في السهولة عند تقييم السلامة المادية للمباني والجسور والهياكل القائمة بذاتها. وهي غير جراحية،أي أنها يمكن أن تَنفَذ عملياً عبر المواد دون أن تغيّرها لتجد الشقوق والقطع المدفونة والتسرّبات. وتشمل هذه الأساليب تطبيق التقنيات النووية من قبيل التصوير الإشعاعي باستخدام الأشعة السينية، والاختبار البصري، واختبار الموجات فوق الصوتية والمغناطيسية.
وقال سباستيان لابيدا، وهو مهندس مدني في الوكالة: "تمدّ هذه التقنياتُ المهنيين بمعلومات مهمة لتقييم السلامة الهيكلية لمبنى ما، حتى يتسنّى لهم إن دعت الضرورة أن يشرعوا في الإصلاح." وسافر لابيدا مع نظرائه إلى المكسيك بعد زلزال أيلول/سبتمبر ٢٠١٧، والذي سقط خلاله المئات من المباني ما تسبب في مصرع نحو ٣٠٠ شخص. وقد درّبوا وساعدوا خبراء وطنيين على تقييم سلامة المباني الحرجة.
وساعد الاختبار غير المتلف أيضاً السلطات الإكوادورية على اختبار سلامة المباني الأكثر تضرّراً في البلاد بعد زلزال عام ٢٠١٦. واليوم، يعكف الخبراء على بناء أول مركز إقليمي للاختبار غير المتلف في كيتو العاصمة لإتاحة الخبرات لكل منطقة أمريكا اللاتينية.
وكانت أول مرة تقدّم فيها الوكالة الاختبار غير المتلف لمساعدة بلد على التعافي من كارثة طبيعية عندما قدّمت الدعم للسلطات النيبالية بعد أن ضرب زلزال بقوة ٧.٨ درجات البلد في نيسان/أبريل ٢٠١٥، متسبّباً في مقتل ما يقرب من ٩٠٠٠ شخص وجرح ما يناهز ٢٠٠٠٠ آخرين. وانهارت ٥٠٠ بناية وتعرَّضت نحو ٣٠٠٠٠٠ بناية أخرى إلى أضرار جزئية.
ومباشرة بعد الزلزال، توجّه فريق من الخبراء تقوده الوكالة إلى البلد الجبلي لمساعدة السكان المحليين على تقييم بنيتهم الأساسية المهمة مثل المستشفيات والجسور باستخدام الاختبار غير المتلف. واستعمل الخبراء المحليون النتائج في اتخاذ قرارات رئيسية،أيّ مبانٍ ستُهدم وأيّها ستُصلح.
وقال ماني رام غلال، نائب المدير العام في إدارة التنمية الحضرية والبناء والتشييد التابعة لوزارة التنمية الحضرية: "رغم أن البنية الأساسية المدنية العمومية الحاسمة الأهمية ظلّت قائمة بعد الزلزال، لم نكن لنعرف ما إن كانت هناك عيوب مخفية يمكن أن تشكّل خطراً من دون الاختبار غير المتلف" "بالنسبة لبلد كبلدنا يقع بين صفيحتين تكتونيتين، هنالك دائماً خطر كبير لحدوث زلزال ، وإضافة إلى ذلك يعدّ بلدنا نقطة ساخنة للكوارث الطبيعية الأخرى."
وإلى جانب توفير المعدّات للرعاية الصحية والاختبار الغير متلف للبنية الأساسية الحيوية، ساعدت الوكالة أيضاً على تعزيز القدرات الاقليمية في أمريكا اللاتينية وآسيا للتصدي للكوارث الطبيعية.
وفي عام ٢٠١٧، نظمت الوكالة عبر مشروع مموَّل من مبادرة الاستخدامات السلمية دورات تدريبية في اليابان لتعزز من قدرات الدول الأعضاء في آسيا على الاختبار غير المتلف. مشروع مماثل يجري على قدم وساق في أمريكا اللاتينية
نُشر هذا المقال في مجلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عدد آذار/مارس ٢٠١٧
رغم أن البنية الأساسية المدنية العمومية الحاسمة الأهمية ظلت قائمة بعد الزلزال، إلاّ أننا لم نكن لنعلم ما إن كانت هناك عيوب مستترة يمكن أن تشكّل خطراً من دون تكنولوجيا الاختبار غير المتلف.