You are here

كيف تساعد مفاعلات البحوث على جعل التصوير الطبي ممكناً

Peeva, Aleksandra, Nicole Jawerth

مفاعل البحوث SAFARI-١ قيد التشغيل.

(الصورة من: شركة جنوب أفريقيا للطاقة النووية (Necsa))

أكثر من ٨٠٪ من التصوير الطبي المستخدَم كلّ عام لتشخيص أمراض مثل السرطان بات ممكناً بفضل الأدوية الصيدلانية المنتجَة، في الجزء الأكبر منها، في مفاعلات البحوث. وتتضمَّن هذه المستحضرات الصيدلانية الإشعاعية النظيرَ المشعّ التكنيتيوم-٩٩ شبه المستقر، المستمدّ من النظير المشعّ الموليبدينوم-٩٩ الذي يُنتج بشكل أساسي في مفاعلات البحوث.

وقال خواو أوسو، مدير شعبة منتجات النظائر المشعّة والتكنولوجيا الإشعاعية، الوكالة الدولية للطاقة الذرية: "بينما يمكن إنتاج الموليبدينوم-٩٩ أو حتى التكنيتيوم-٩٩ شبه المستقر باستخدام طُرق أخرى، إلا أن مفاعلات البحوث فعّالة بشكل خاص من حيث التكلفة ومناسبة تماماً لتلك الغاية، خاصة بالنسبة للإنتاج التجاري واسع النطاق". "وذلك لأن بإمكانها أن تنتج كميات كبيرة من الموليبدينوم-٩٩ بالخصائص الصحيحة التي تجعل من السهل استخراج التكنيتيوم-٩٩ شبه المستقر باستخدام مولّد في المستشفى، وبالتالي الحفاظ على التدفُّق الثابت والموثوق لإمدادات المستحضرات الصيدلانية الإشعاعية لمزيد من المرضى."

التحوُّل إلى أحد الأطراف العالمية الفاعلة في مجتمع الكيمياء الإشعاعية والمستحضرات الصيدلانية الإشعاعية استلزم منا تطبيق أنظمة الإدارة، وبرامج الصيانة، وتدريب الموظفين والخطط الإستراتيجية بطريقة حسنة التنظيم ومُحكمة
كووس دو بروين، مدير أول في مفاعل SAFARI-١، جنوب إفريقيا

من المفاعل إلى المرضى

مفاعلات البحوث هي مفاعلات تُستخدم في المقام الأول، وبدلاً من توليد الكهرباء، لإنتاج النيوترونات اللازمة لتطبيقات أخرى. يمكن استخدام هذه النيوترونات لأغراض متعدّدة، مثل إنتاج الموليبدينوم-٩٩ من خلال تشعيع أهداف اليورانيوم-٢٣٥.

والموليبدينوم-٩٩، كونه من النظائر المشعة، هو ذرة غير مستقرة تخضع للاضمحلال. ويستغرق الأمر ٦٦ ساعة لنصفِ أيّ موليبدينوم-٩٩ يتمُّ إنتاجه لكي يخضع للاضمحلال، وهذا ما يُعرف باسم العمر النصفي. وناتج اضمحلال الموليبدينوم-٩٩، المعروف أيضاً باسم "الناتج الوليد"، هو التكنيتيوم-٩٩ شبه المستقر.

وللحصول على التكنيتيوم-٩٩ شبه المستقر، تُنقل أهداف اليورانيوم-٢٣٥ المشعَّعة إلى منشأة معالَجة، عادة ما تكون بالقرب من مفاعل البحوث، لفصل الموليبدينوم-٩٩ عن النواتج الانشطارية الأخرى وتنقيته. ثم يُنقل الموليبدينوم-٩٩ المنقّى إلى مرفق إنتاجٍ لمولّدات الموليبدينوم-٩٩/التكنيتيوم-٩٩ شبه المستقر - وهي الأجهزة المستخدَمة لخزن ونقل واستخلاص التكنيتيوم-٩٩ شبه المستقر كيميائياً من الموليبدينوم-٩٩ مباشرة في موقع المستشفى أو أي مرفق طبي آخر.

وداخل مولّد نموذجي منها، يتم غسل أكسيد الألومنيوم الذي يحتوي على الموليبدينوم-٩٩ بمحلول ملحي. ويتعلَّق الموليبدينوم-٩٩ بالأكسيد، فيما يُزال التكنيتيوم-٩٩ شبه المستقر بفعل المحلول. وتنتج تلك العملية محلول التكنيتيوم-٩٩ شبه المستقر الذي يُستخدم بعدئذ لاستحداث مستحضرات صيدلانية إشعاعية مختلفة تكون جاهزة للحقن في جسم المريض. وبمجرد الدخول إلى جسم المريض، تكشف كاميرا خاصة خارج جسم المريض الكميات الصغيرة من الإشعاع التي يطلقها التكنيتيوم-٩٩ شبه المستقر وهو في حالة اضمحلال وذلك لإنشاء صور طبية لتشخيص الأمراض.

صفيحة الموليبدينوم-٩٩ المستهدَفة والحامل المستخدَم لتشعيع الصفائح في مفاعل بحوث.

(الصورة من: شركة جنوب أفريقيا للطاقة النووية (Necsa))

أعمار نصفية قصيرة، إنتاج مستمر

نظرًا لأن نصف عمر التكنيتيوم-٩٩ شبه المستقر هو ست ساعات، يجب استخدامه بسرعة بعد استخلاصه وإلا فإنه يفقد فعاليته. ومع قِصَر عمر الموليبدينوم-٩٩ بل وقِصَر عمر التكنيتيوم-٩٩ شبه المستقر أكثر منه، لابدّ من إنتاجهما بشكل مستمر لتلبية الطلب العالمي.

ومن المنتجين العالميين الرئيسيين للموليبدينوم-٩٩، ونظائر مشعّة أخرى، منشأة البحوث الذرية الأساسية في جنوب أفريقيا (SAFARI-١)، التي تُعدُّ جزءاً من شركة جنوب أفريقيا للطاقة النووية (Necsa)، وهي مفاعل البحوث الرائد المنتِج للنظائر الطبية في القارة الإفريقية. وبالتعاون مع مورّد النظائر المشعّة، NTP Radioisotopes SOC Ltd، وهي شركة تابعة لشركة جنوب أفريقيا للطاقة النووية - أصبح مفاعل SAFARI-١ أحد أكبر خمسة مورّدين في العالم للموليبدينوم-٩٩، وهو جزء من شبكة إمداد بالنظائر المشعّة الطبية لأكثر من ٥٠ بلداً في جميع أنحاء العالم. وهو ينتج الآن قرابة ٢٠٪ من الطلب العالمي من الموليبدينوم-٩٩، والتكنيتيوم-٩٩ شبه المستقر المستمدّ من مولّدات تستخدم الموليبدينوم-٩٩ الذي ينتجه مفاعل SAFARI-١ يُستخدم في أكثر من ٤٠ مستشفى ومرافق صحية أخرى على امتداد إفريقيا.

وقال كووس دو بروين، مدير أول في مفاعل SAFARI-١: "التحوُّل إلى أحد الأطراف العالمية الفاعلة في مجتمع الكيمياء الإشعاعية والمستحضرات الصيدلانية الإشعاعية استلزم منا تطبيق أنظمة الإدارة، وبرامج الصيانة، وتدريب الموظفين والخطط الإستراتيجية بطريقة حسنة التنظيم ومُحكمة". وقد دعم ذلك أيضاً الاستخدام الثانوي للمفاعل في مجالات البحث والتعليم والصناعة.

وبدعم من الوكالة، خضع المفاعل SAFARI-١ لتطوير وتحسينات مستمرة منذ بدء تشغيله في عام ١٩٦٥، بما في ذلك تحويله من وقود اليورانيوم الشديد الإثراء إلى وقود اليورانيوم ضعيف الإثراء في عام ٢٠٠٩ (تعرَّف على المزيد عن هذا النوع من التحويل) والانتقال من أهداف عالية شديدة الإثراء إلى أهداف ضعيفة الإثراء، وهو ما استُكمل في عام ٢٠١٧. وقد ساعدت هذه الأنشطة على ضمان الاستخدام الأفضل للمفاعل وانتقاله الناجح إلى المزيد من الاستخدامات التجارية.

وقال دو بروين: "في تسعينيات القرن العشرين، غيّرنا نهجنا التشغيلي وركزنا أكثر على الصيانة والإدارة، بما في ذلك بناء فريق من الموظفين المتخصصين ذوي المهارات العالية في مجموعة من المجالات. وقد سمح لنا ذلك بالانتقال من كوننا مفاعلاً منخفض الاستخدام إلى مرفق عالي إلى الاستخدام إلى حدّ بعيد وأكثر استدامةً". وفي السنوات التسعة بين عامَي ١٩٩٥ و٢٠٠٤، تمَّ استخدام المفاعل أكثر مما كان عليه في العقود الثلاثة السابقة مجتمعةً. ثمَّ بعد سبع سنوات فقط حقَّق النتيجة نفسها. وحتى عام ٢٠١٩، تضاعَف استخدام المفاعل SAFARI-١ أربع مرات تقريباً منذ عام ١٩٩٥.

وخلال الخمسة عشر عاماً الماضية، عمل المفاعل SAFARI-١ على مدار الساعة تقريباً دون توقف لمدة ٣٠٠ يوم تقريباً كلّ عام، ومن المتوقع أن يستمر في تزويد الموليبدينوم-٩٩ حتى عام ٢٠٣٠ على أقلّ تقدير. ومع ذلك، ونظراً لتقادُم المفاعل، يتمُّ النظر حالياً في أن يحلَّ محلَّه مفاعل بحوث جديد متعدد الأغراض بقدرة ١٥ إلى ٣٠ ميغاواط (حراري). وستستغرق هذه العملية ما يصل إلى عشر سنوات من بداية دراسات الجدوى إلى الانتهاء.

وقال دو بروين: "إذا ما تمَّ إنشاء مفاعل بحوث متعدّد الأغراض جديد، فسيتم تجهيزه للعمل بمرونة على مدار ٦٠ عاماً القادمة أو أكثر، حتى نتمكن من التكيُّف مع التغييرات المحتملة، مثل التقلبات في أسواق النظائر الطبية ومتطلبات البحث، بالإضافة إلى تزويد جنوب إفريقيا والمنطقة بمرفق بالغ الأهمية للوقود النووي واختبار المواد".

 

٢٠١٩/١١
Vol. 60-4

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية