You are here

ماهي مفاعلات البحوث؟ وكيف تساهم في التنمية المستدامة؟

بقلم جوان ليو وشينوين تانغ

Joanne Liou, Xinwen Tang

منظر جوي لقلب مفاعل البحوث بجامعة ميسوري (MURR) في الولايات المتحدة الأمريكية. ينتج هذا المفاعل النظائر المشعة المستخدمة في العلاجات المنقذة للحياة لسرطان الكبد والبنكرياس والبروستاتا والغدة الدرقية. (الصورة: جامعة ميسوري)

أكثر من ثُلث المفاعلات النووية العاملة في جميع أنحاء العالم إنما تُستخدم لأغراض بحثية وتعليمية ولإنتاج النظائر المشعّة، أكثر منه لتوليد الطاقة. وخلافاً لمفاعلات القوى النووية المصمَّمة لتوليد الكهرباء، تُستخدم مفاعلات البحوث النووية في المقام الأول لإنتاج النيوترونات. والنيوترونات هي جسيمات دونَ ذرية غير مشحونة تُستخدم في تطبيقات مختلفة، مثل دراسة المواد على المستوى الذري، وإنتاج النظائر المشعة للطب والصناعة والبحوث، وتصوير البنية الداخلية للأجسام.

وهناك 220 مفاعل بحوث قيد التشغيل في 54 بلداً، بالإضافة إلى نحو 25 مفاعل بحوث قيد التشييد أو في طور التخطيط لها. وهي تؤدي دوراً رئيسياً ليس على صعيد النهوض بالتكنولوجيات النووية فحسب، بل أيضاً على صعيد تحسين العديد من جوانب الحياة اليومية من خلال مساعدة البلدان على تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وتتسم مفاعلات البحوث بأحجام وتصاميم متنوعة. ومفاعلات البحوث، التي غالباً ما تحتضنها مؤسسات أكاديمية وبحثية، أصغر حجماً وتعمل في درجات حرارة أقلّ مقارنةً بمفاعلات القوى التقليدية. وتتراوح الطاقة الحرارية لمعظم مفاعلات البحوث من 0 إلى 100 ميغاواط (حراري)، وفي المقابل تبلغ 3000 ميغاواط (حراري) لمفاعل القوى النووية الكبير. وعليهِ، فإنّ كمية الوقود النووي المستخدَم، وحجم النفايات المشعة الناجمة، أقلّ بكثير بالنسبة لمفاعلات البحوث.

كيف تُستخدم مفاعلات البحوث؟

تُصمَّم مفاعلات البحوث وتُستخدم لأغراض التجارب والتعليم والتدريب، فضلاً عن إنتاج النظائر المشعة للتطبيقات الطبية والصناعية. وهي توفر بيئة خاضعة للرقابة لدراسة وفهم سلوك المواد، والتفاعلات النيوترونية، والآثار الإشعاعية. وإلى جانب دعم البحوث في العديد من التخصصات، لمفاعلات البحوث أهميةٌ محوريةٌ للنهوض بالطاقة النووية. ومفاعلات البحوث بمثابة منصات اختبار لتكنولوجيات المفاعلات المبتكرة ما يجعلها توفر بيئة واقعية لتجربة المواد والوقود النووي. وتوفر مفاعلات البحوث أيضاً فرصاً للتعليم والتدريب للعاملين في المرافق النووية، وموظفي الوقاية من الإشعاع والموظفين الرقابيين، فضلاً عن الطلبة والباحثين.

كيف تدعم مفاعلات البحوث أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة؟

أهداف التنمية المستدامة تتألف من 17 غاية عالمية وضعتها الأمم المتحدة في عام 2015 للتصدي للتحديات العالمية، مثل الصحة والتعليم والطاقة. وتسهم مفاعلات البحوث في معالجة العديد من أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك:

الهدف 3 من أهداف التنمية المستدامة — الصحة الجيدة والرفاه: تؤدي مفاعلات البحوث دوراً أساسياً في التصوير الطبي وعلاج السرطان. وهي تنتج نظائر مشعة تُستخدم في 85 في المائة من إجراءات الطب النووي، وهي ضرورية لتطوير مستحضرات صيدلانية إشعاعية جديدة، ليستفيد ملايين الأشخاص سنوياً من خلال تعزيز أساليب التشخيص والعلاجات لمختلف أنواع السرطان. وتساعد مبادرة أشعة الأمل، وهي مبادرة رئيسية للوكالة لمكافحة السرطان، البلدان على زيادة الحصول على العلاجات المنقذة للحياة من هذا القبيل.

الهدف 4 — التعليم الجيد والهدف 5 — المساواة بين الجنسين: كأداة تعليمية وتدريبية، تخدم مفاعلات البحوث الطلبة من الجنسين. وتؤدي حلقات العمل والتدريبات والبعثات التي تدعمها الوكالة، فضلاً عن برنامج المنح الدراسية ماري سكلودوفسكا-كوري وبرنامج ليزا مايتنر التابعان للوكالة، إلى تنمية قوة عاملة شاملة تسهم في الابتكار العلمي والتكنولوجي العالمي وتعطيه الزخم نحو الأمام.

الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة — المياه النظيفة والصرف الصحي: تؤدي مفاعلات البحوث دوراً رئيسياً في تطوير تقنيات التعقيم القائمة على التشعيع لمعالجة المياه. والمعالجة الإشعاعية لمياه الصرف الصحي طريقة فعّالة للقضاء على الكائنات الحية الدقيقة الضارة، ومسبِّبات الأمراض والملوِّثات الأخرى في المياه، ومن ثم جعلها آمنة للاستهلاك والاستخدامات الأخرى.

الهدف 7 من أهداف التنمية المستدامة — طاقة نظيفة وبأسعار معقولة: تمكّن مفاعلات البحوث من تطوير تكنولوجيات جديدة للطاقة واختبارها. ويمكن للباحثين تقييم مفاهيم المفاعلات النووية الجديدة والوقود والمواد لتحسين تصميمات مفاعلات القوى النووية بما يعزز الأمان والكفاءة والأداء للمساعدة على دعم مستقبل الطاقة النظيفة وتعُد مبادرة تسخير الذرة من أجل عالمٍ خالٍ من الانبعاثات (Atoms4NetZero) مبادرة للوكالة من أجل مساعدة جهود البلدان على تسخير الطاقة النووية من أجل الوصول بصافي الانبعاثات إلى مستوى الصفر. وتُستخدم مفاعلات البحوث أيضاً، مع تقنيات مثل التصوير بالنيوترونات، وتشتت النيوترونات، وتوصيف عمق النيوترونات، لدراسة مفاهيم الطاقة غير النووية مثل خلايا وقود الهيدروجين وبطاريات أيونات الليثيوم.

الهدف 8 — العمل اللائق والنمو الاقتصادي: يمكن للطلاب والباحثين والمهنيين في المجال النووي اكتساب الخبرات العملية والمعارف من خلال التدريبات التي تتم بالاستعانة بمفاعلات البحوث. ويمكن لهذه التدريبات أن تهيئهم للفرص المتاحة في الميدان النووي والميادين المتصلة به. وعلاوة على ذلك، تُستخدم مفاعلات البحوث لتوفير المنتجات والخدمات، مثل عملية تطعيم السيليكون، والتي تُدخل الشوائب في السيليكون لتعديل الخصائص الكهربائية للأجهزة الإلكترونية.

الهدف 9 من أهداف التنمية المستدامة — الصناعة والابتكار والبنية التحتية: تعزز مفاعلات البحوث الابتكار في مختلف المجالات، من الإلكترونيات ومواد البناء للظروف القاسية إلى الطب وأكثر من ذلك. والنيوترونات التي تنتجها مفاعلات البحوث هي أيضاً قيّمة للاختبار غير المتلِف في مختلف الصناعات، وهو ما يضمن جودة وسلامة الأجسام.

الهدف 17 من أهداف التنمية المستدامة — عقد الشراكات لتحقيق الأهداف العمل من أجل تحقيق التنمية المستدامة هو جهد جماعي، ويشارك العديد من المعاهد والجامعات التي تحتضن مفاعلات البحوث في مشاريع تعاونية وأنشطة بحثية تعزز التعاون الإقليمي والدولي بشأن العلوم والتكنولوجيا والابتكار والنفاذ إليها.

ما دور الوكالة؟

تدعم الوكالة البلدان في الاستخدام ذي الكفاءة والاستدامة لمفاعلات البحوث حتى تتمكن من جني فوائد هذه المرافق النووية بالكامل. وتوفر الوكالة دورات تدريبية وحلقات عمل في مجال مفاعلات البحوث، فضلاً عن إرشادات منشورة، ومعايير أمان، ودورات تعلُّم إلكتروني. وتعزز مشاريع الوكالة البحثية المنسَّقة التعاون الدولي والتواصل فيما بين الخبراء، مع النهوض بالعلوم التي تنطوي على استخدام مفاعلات البحوث. وبالإضافة إلى ذلك، تدعم بعثات الاستعراض التي تضطلع بها الوكالة لمفاعلات البحوث مشاريعَ مفاعلات البحوث الجديدة. وهي تقوم بتقييم ممارسات البلدان باستخدام الإرشادات والمعايير الصادرة عن الوكالة لتحسين تشغيل مرافق المفاعلات، واستخدامها وأمانها وصيانتها. ويركّز العديد من مشاريع التعاون التقني للوكالة أيضاً على تعزيز القدرات التقنية للبلدان في مجال التشغيل والصيانة من أجل تحسين أمان مفاعلات البحوث وموثوقيتها واستخدامها.

٢٠٢٣/١٢
Vol. 64-4

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية