You are here

الوكالة تجري تجربة ميدانية ناجحة: إنجاز واعد في مكافحة مرض ذبول الفوزاريوم في الموز

بقلم فولفغانغ بيكو

يعد الموز من بين أنواع الفاكهة الأكثر إنتاجا وتداولا واستهلاكا على الصعيد العالمي. (الصورة من: حسن مدوما، الوكالة)

يشكل مرض ذبول الفوزاريوم الناجم عن فطر Fusarium oxysporum تهديدا كبيرا لزراعة الموز في جميع أنحاء العالم. ويحدث هذا الفطر ضرراً كبيراً في نبتات الموز. ولأن زراعة الموز تؤدي دورا حاسم الأهمية في الأمن الغذائي العالمي، فلا بد من التصدي لهذا التحدي. وفي تطور جدير بالملاحظة، انتهت الوكالة من إجراء تجربة ميدانية أسفرت عن نتائج واعدة، مما يمثل خطوة بالغة الأهمية في مكافحة هذا المرض المدمر.

ويعد الموز من بين أنواع الفاكهة الأكثر إنتاجا وتداولا واستهلاكا على الصعيد العالمي. والموز، الذي يوجد منه أكثر من 1000 صنف، يوفر المغذيات الحيوية للسكان، سواء في البلدان المنتجة له أو في البلدان التي تستورده. والصنف الأكثر تداولا هو موز كافنديش، الذي يستأثر بما يزيد قليلاً على نصف الإنتاج العالمي، ويُقدر أن حجم الإنتاج السنوي منه يصل إلى 50 مليون طن. وللموز أهمية خاصة في بعض أقل البلدان نموا وفي بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض، لأنه يمثل محصولاً تجارياً ومن ثم فإن دوره لا يقتصر على الإسهام في الأمن الغذائي فحسب، بل يشمل أيضاً توفير الدخول للأسر.

خطر ذبول الفوزاريوم

لا يعد مرض ذبول الفوزاريوم مشكلة جديدة. بل إنه كان السبب في القضاء على صنف غرو ميشيل (Gros Michel)، الذي كان يهيمن على سوق الموز العالمي في منتصف القرن العشرين. وجاء استحداث صنف كافنديش في هذا السياق، حيث إنه كان مقاوما للسلالة الأصلية من الفطر المسبب للمرض. ومع ذلك، فقد تطور فطر Fusarium oxysporum وصارت أحدث سلالة منه، والتي تعرف باسم السلالة المدارية الرابعة أو سلالة TR4، تهدد صنف كافنديش.

وأوضحت السيدة بوجا ماثور، وهي باحثة أولى في المركز المشترك بين الفاو والوكالة لاستخدام التقنيات النووية في الأغذية والزراعة (المركز المشترك بين الفاو والوكالة)، خطورة الوضع قائلة: "لقد تأكد انتشار سلالة TR4 حاليا في 21 بلد منتج للموز، ويمكن أن يكون لذلك آثار مدمرة على إنتاج الموز، من ثم على الأمن الغذائي".

وفور تلوث قطعة من الأرض الزراعية بسلالة TR4، تغدو إدارة المرض أمراً صعباً ومكلفاً في جميع الحالات المفاد بها. ويبرز ذلك الحاجة الملحة لاستحداث أصناف مقاومة لتلك السلالة لحماية قطاع زراعة الموز.

وفي حين يُعرف صنف كافنديش على نطاق واسع باسم "موز المائدة"، حيث يستهلك كحلوى أو فاكهة، فهناك العديد من أنواع الموز الأخرى التي تُعتبر أغذية أساسية، لا سيما في البلدان النامية. وتشكل هذه الأصناف من "موز الطبخ" جزءاً لا يتجزأ من النظام الغذائي اليومي لملايين الناس. فعلى سبيل المثال، فموز مكهير (Mchare) هو صنف شرق أفريقي ثنائي الكروموسومات من الشائع استخدامه في الطهي في أوغندا وتنزانيا. وهذه الأصناف من موز الطهي معرضة بدورها لخطر ذبول الفوزاريوم، مما يشكل تهديدا بالغا للأمن الغذائي في المناطق التي يشيع استخدامها فيها.

إنجاز واعد

انتهت الوكالة مؤخرا، بالتعاون مع المعهد الدولي للزراعة المدارية، من إجراء تجربة ميدانية دامت 18 شهرا وأسفرت عن نتائج واعدة للغاية. وأُجريت التجربة في منطقة في تنزانيا معروفة بأنها من مناطق الانتشار الكثيف للسلالة 1 من العامل الممرض Fusarium oxysporum f.sp. cubense (Foc) ، وانطوت على اختبار أصناف من موز الطهي من نوع مكهير (Mchare)، بعد استحداث هذه الأصناف باستخدام تقنية الاستيلاد الطفري النووية.

وقال السيد ألتوس فيليون، خبير ذبول الفوزاريوم في جامعة ستيلينبوس في جنوب أفريقيا: "بالنسبة لنا، يتمثل الهدف الرئيسي في إنتاج موز مقاوم لمرض ذبول الفوزاريوم في أفريقيا، وهو أمر حيوي للأمن الغذائي وتوفير الدخل لملايين الناس. وهذا العمل البحثي مهم لأن المرض يشكل تهديدا كبيرا لمحاصيل الموز، لا سيما في المناطق التي يعتبر فيها الموز غذاء أساسيا ومصدرا رئيسيا للدخل". وموز مكهير هو أحد أسلاف موز كافنديش، وينطوي تحسين تركيبته الوراثية على إمكانات هائلة لتحسين محصول الموز عموماً.  

البحث والابتكار في المركز المشترك بين الفاو والوكالة

على مدى عدة عقود، كان المركز المشترك بين الفاو والوكالة في طليعة جهود مكافحة ذبول الفوزاريوم. ووضع المركز أدوات وتكنولوجيات للاستيلاد الطفري بهدف تعزيز مقاومة الموز لذلك المرض. وفي بداية الأمر، كانت البحوث تركز على السلالة 1 من فطر الفوزاريوم، وتوسعت الآن لمعالجة السلالة TR4. وانطوت التجربة الميدانية على زراعة 3000 من الأصناف الطافرة من موز مكهير في منطقة في تنزانيا تشهد معدلا عاليا للإصابة بذبول الفوزاريوم من نوع Foc1. وكفلت الوكالة بقاء الضغط على المحصول في ميدان التجربة مرتفعاً عن طريق إعادة نشر فطر الفوزاريوم بصورة متواصلة. ولتقييم المقاومة بدقة، زُرعت السلالات الطافرة من الموز بجانب سلالات برية وأصناف معروف أنها معرضة للمرض كضوابط للمقارنة التجريبية.

وبعد 18 شهرا، كانت نتائج التجربة واضحة: فقد تبين أن نسبة كبيرة من ثمار موز مكهير مقاومة تماما لذبول الفوزاريوم، في الوقت الذي تضررت فيه الأصناف المعرضة للمرض بشدة.

وقالت السيدة بوجا ماثور: "إن هذا البحث مهم للأمن الغذائي ولمستقبل زراعة الموز على حد سواء". وأضافت قائلة: "إن تحسين مقاومة الأصناف المستخدمة كأسلاف مثل صنف مكهير يمثل خطوة مهمة نحو استحداث صنف قوي من موز كافنديش يكون قادراً على تحمل السلالة TR4 من الفطر".

وتنطوي المرحلة التالية على مواصلة تقييم الخطوط الطافرة في أماكن متعددة من مناطق الانتشار الكثيف للسلالة Foc1 وكذلك للسلالة المدارية الرابعة (Foc TR4) في موزمبيق. وستكفل هذه الخطوات التأكد من قدرة السلالات المقاومة على البقاء والتحقق من نجاعتها في مجموعة متنوعة من الظروف البيئية.

طريق المستقبل

تمثل التجربة الميدانية الناجحة إنجازاً كبيراً في مكافحة ذبول الفوزاريوم. ومن خلال التركيز على تحسين الأسلاف من خلال الاستيلاد الطفري، يعمل المركز المشترك بين الفاو والوكالة على وضع حل مستدام ودائم لخطر ذبول الفوزاريوم للمساعدة على حماية زراعة الموز في جميع أنحاء العالم.

 

٢٠٢٤/٠٩
Vol. 65-2

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية