You are here

إطلالة على كوفيد-١٩ داخل الجسم

التصوير الطبي أثناء الجائحة العالمية

Nicole Jawerth

يساعد الحصول على صور لما يحدث داخل الجسم البشري المهنيين الصحيين على تقييم وفهم مرض كوفيد-١٩ الناجم عن فيروس كورونا المكتشف حديثًا.

 ويقول أوليفييه بيليه، اختصاصي الأشعة في الوكالة إن "التصوير التشخيصي بمثابة نافذة مطلة على الجسم". فقد سمح لنا بالكشف عن مضاعفات من قبيل الآفات الجلدية، أو الالتهاب الرئوي، أو الجلطات الدموية في الرئتين. ونتعلم كل يوم أشياء جديدة عن الفيروس وتأثيره على جسم الإنسان، بينما نكتشف علامات وأعراضًا جديدة مرتبطة بـكوفيد-١٩ لم نرها من قبل، حتى عندما يبدو الشخص، فيما عدا ذلك، بدون أعراض".

"نتعلم كل يوم أشياء جديدة عن الفيروس وتأثيره على جسم الإنسان، بينما نكتشف علامات وأعراضًا جديدة مرتبطة بـكوفيد-١٩ لم نرها من قبل، حتى عندما يبدو الشخص، فيما عدا ذلك، بدون أعراض."
- أوليفييه بيليه، اختصاصي أشعة، الوكالة الدولية للطاقة الذرية

ويستخدم التصوير الطبي في جميع أنحاء العالم على مدى أكثر من مائة عام لتشخيص العديد من الحالات الصحية ورصدها والمساعدة في علاجها، مثل السرطان والأمراض المعدية وأمراض القلب والاضطرابات العصبية. ويعمل العديد من البلدان مع الوكالة منذ عقود لبناء خدمات الطب الإشعاعي والحفاظ عليها، بما في ذلك التصوير التشخيصي.

 ومع أنّ هناك مجموعة من تقنيات التصوير المتاحة، فإن الأساليب الثلاثة الأكثر استخدامًا لتقييم حالة مرضى كوفيد-١٩ هي الأشعة السينية للصدر، والتصوير المقطعي الحاسوبي للصدر، والموجات فوق الصوتية للرئة.

 ويقول بيليه: "تكمّل هذه التقنيات الثلاث بعضها بعضاً، وتقدم خيارات لتقييم كيفية تأثير كوفيد-١٩ على الأعضاء المختلفة في المراحل المختلفة". "والسبب في استخدامها في منطقة الرئة والصدر هو أنّ من المعروف أن أعراض الجهاز التنفسي من بين أولى علامات كوفيد-١٩."

 وعلى الرغم من أن تشخيص كوفيد-١٩ يعتمد على تحديد الفيروس باستخدام الاختبارات المعملية مثل التفاعل البوليميري المتسلسل بواسطة الاستنساخ العكسي، فإن التصوير الطبي يستخدم على نطاق واسع لتقييم حالة المرضى في مراحل مختلفة من المرض، لا سيما بالنسبة لأولئك الذين يعانون من حالات معتدلة أو شديدة أو حرجة.

الصقل والتكييف

منذ أن بدأ انتشار كوفيد-١٩ على الصعيد العالمي في أوائل عام ٢٠٢٠، تعيّن على المهنيين الصحيين تكييف كيفية استخدامهم لهذه التقنيات وتحسينها لضمان أن تكون مبررة وملائمة وآمنة لتشخيص المرض.

 وقال بيليه: "كان على اختصاصيي الأشعة وغيرهم من اختصاصيي التصوير اكتشاف الإجراءات التي يجب استخدامها في حالة الإصابة بكوفيد-١٩ ومتى وكيف يمكن تحليل أعراض المرض وتحديدها بدقة في الصور الطبية، وكيف يمكن تكييف عملهم لوقاية الموظفين والمرضى من العدوى مع الاستمرار في توفير الخدمات الصحية الأساسية والحاسمة الأخرى".

 وكان عليهم أيضًا أن يظلوا يقظين حيال تحقيق التوازن الصحيح: التفريط في كمية الإشعاع يجعل الصور غير واضحة، بينما الإفراط فيها يعرض المريض لخطر تلقي جرعة غير ضرورية من الإشعاع. وبالمثل، فإن إجراء عمليات مسح أكثر مما هو مطلوب يعني التعرض غير الضروري للإشعاع، في حين أن المبالغة في التقليل منها قد يعني فقدان معلومات مهمة من شأنها مساعدة المريض.

وقال ميروسلاف بيناك، رئيس قسم الأمان والرصد الإشعاعيين في الوكالة: "في أي وقت يُستخدم فيه الإشعاع في الطب، يجب تبريره وتوخي الحد الأمثل منه لضمان فعالية الإجراءات، مع الحفاظ أيضاً على أمان المرضى والعاملين". "وفي حالات الجوائح، عندما تتعطل الإجراءات العادية وسير العمل، يجب التنبُّه إلى ضرورة الاستمرار في المحافظة على معايير عالية للوقاية من الإشعاعات، مع العمل أيضاً على دمج التدابير اللازمة بغية الحد من انتشار كوفيد-١٩ وتأثيره."

 ولدعم هذه الجهود، قدمت الوكالة للمهنيين الصحيين مجموعة واسعة من الموارد، مثل الحلقات الدراسية الشبكية، والمقالات ووثائق الإرشادات التقنية المتعلقة بـ كوفيد-١٩ والأشعة والطب النووي والوقاية من الإشعاعات.

تصوير الصدر بالأشعة السينية

صورة بالأشعة السينية لمريض بالتهاب رئوي جراء الإصابة بكوفيد-١٩ كلتا الرئتين تظهر علامات، لا سيما الرئة اليمني

(الصورة من: إل. زنوني/شعبة الطب النووي، مستوصف سانت أورسولا-مالبيغي التابع لهيئة مستشفى جامعة بولونيا)

الأشعة السينية هي نوع من أنواع الإشعاعات. ويعلم كثير من الناس أنها تُستخدم في تشخيص كسور العظام أو فحص الأسنان.

 ويمكن لمهنيي الرعاية الصحية الاستفادة من الأشعة السينية باستخدام جهاز توليد الأشعة السينية. وعندما يُوضَع المريض في الجهاز، تمر جرعة مختارة بعناية من الأشعة السينية عبر المنطقة المستهدفة من الجسم. وتسمح الأجزاء السميكة والأكثر كثافة من الجسم، مثل العظام ، بمرور عدد أقل من الأشعة السينية، بينما تسمح الأجزاء الرقيقة والأكثر نعومة بمرور المزيد من تلك الأشعة. وعندما تخرج الأشعة السينية على الجانب الآخر من الجسم، يلتقط كاشف متخصص النمط الذي تخرج عليه. ومن شأن هذا أن يعطي صورة للهياكل داخل الجسم وتغيراتها.

 ولتقييم حالة كوفيد-١٩، تؤخذ صور بالأشعة السينية لصدر الشخص لإلقاء نظرة على أنسجة الرئة. ويستخدم هذا الفحص للمرضى الذين يعانون من أعراض في الجهاز التنفسي ناتجة عن كوفيد-١٩. وتستخدم الأشعة السينية أيضًا لمراقبة تطور المرض واتخاذ قرارات بشأن العلاج والمتابعة، مثل إدخال المريض إلى المستشفى أو إرسال مريض يعاني من أعراض شديدة لإجراء فحص بالأشعة المقطعية.

 ويقول بيليه: "نظرًا لأن أجهزة توليد الأشعة السينية غالبًا ما تكون متاحة بسهولة في مراكز الرعاية، فإنَّ العديد من مهنيي الرعاية الصحية يحظون بالفعل بإمكانية الوصول إلى هذه الأدوات لمساعدة بلدانهم على التعامل مع كوفيد-١٩". "وبعض أجهزة الأشعة السينية محمولة وخفيفة الوزن ويسهل التعامل معها وتطهيرها، وهو أمر بالغ الأهمية في أي جائحة، لا سيما في مناطق الفرز الطبي أو بيئات المستشفيات المؤقتة."

فحص الصدر بالتصوير المقطعي الحاسوبي

صورة بالأشعة المقطعية لمريض بالتهاب رئوي جراء الإصابة بكوفيد-١٩ كلتا الرئتين متأثرة، لا سيما الرئة اليمني

(الصورة من: إل. زنوني/شعبة الطب النووي، هيئة مستشفى جامعة بولونيا)

 مستوصف سانت أورسولا-مالبيغي

التصوير المقطعي المحوسب (CT) عبارة عن مجموعة من صور الأشعة السينية المتعددة. وتدور آلة التصوير المقطعي الحاسوبي حول المريض وترسل بسرعة أشعة سينية عبر الجسم من زوايا متعددة. وتتتبّع حلقة مكونة من مئات الكواشف المتخصصة حول الجسم نمط الأشعة السينية. ويخضع ذلك فيما بعد للمعالجة بواسطة الحاسوب القوي المربوط بالجهاز لإنشاء صور مفصلة أنشئت من مقاطع رقيقة جدًا للجسم، يصل عرضها إلى ٠,٣ مم، وغالبًا ما تكون ثلاثية الأبعاد. ولإجراء فحص بالأشعة المقطعية للصدر، وهي منطقة الجسم التي تخضع في العادة للفحص عند تقييم حالة كوفيد-١٩، يجري إنشاء مئات الصور لتغطية منطقة الصدر بأكملها.

 وتعد أجهزة التصوير المقطعي الحاسوبي أكثر تطوراً وأغلى ثمناً وليست متوفرة على نطاق واسع مثل أجهزة الأشعة السينية. ويقول بيليه إن تطهيرها أكثر صعوبة أيضًا، إذ يمكن أن يستغرق أكثر من ٢٠ دقيقة. و"يوفر التصوير المقطعي الحاسوبي معلومات مفصلة للغاية، وهو يستخدم، لأجل إتاحة ذلك القدر من المعلومات، كمية من الإشعاع أكثر مما يستخدمه جهاز توليد الأشعة السينية. لذلك يجب استخدامه فقط عندما يكون ذلك مناسبًا لحالة المريض ".

الموجات فوق الصوتية

صورة بالموجات الصوتية لمريض بالتهاب رئوي جراء الإصابة بكوفيد-١٩

(الصورة من: سي. سيرا/شعبة الطب النووي، هيئة مستشفى جامعة بولونيا)

 مستوصف سانت أورسولا-مالبيغي

تقوم أجهزة الموجات فوق الصوتية باستخدام موجات صوتية عالية التردد بدلاً عن الإشعاع لإنشاء الصورة. ويقوم مسبار متصل بجهاز الموجات فوق الصوتية بإرسال واستقبال ملايين الموجات الصوتية في كل ثانية عبر المنطقة المستهدفة من الجسم، والتي، في حالة مرضى كوفيد-١٩، عادة ما تكون الرئتين. وعندما تصطَدِم الموجات بحدٍّ فاصل، مثل الحد ما بين الأنسجة الرخوة والسوائل، أو الأنسجة الرخوة والعظام، فإنها ترتد إلى المسبار. ويتتبع المسبار مسافة الصدى وشدته، ويترجم ذلك إلى صور.

وتتميز أجهزة الموجات فوق الصوتية بانخفاض تكلفتها وبأنها متاحة على نطاق أوسع من أجهزة الأشعة السينية والأشعة المقطعية. ونظرًا لكونها صغيرة الحجم ومحمولة وسهلة التطهير، يمكن استخدامها بسهولة على جانب أسرير المريض أو في سيارة الإسعاف أو في حالة الفرز. ونظرًا لأن الموجات الصوتية لا تنطوي على وجود الإشعاع، فيمكن أيضًا استخدامها في كثير من الأحيان دون التسبب في مخاطر إضافية للمرضى والعاملين في مجال الرعاية الصحية.

 وبما أن صور الموجات فوق الصوتية تُعرض بشكل ديناميكي وفوري على الشاشة، فبوسع اختصاصي الرعاية الصحية المدرّب أن يقيّم حالة المريض على الفور. ويُعدُّ التصوير بالموجات فوق الصوتية للرئتين نقطة انطلاق جيدة لتقييم المرضى الذين يظهرون أعراضًا تنفسية يمكن أن تكون علامات على كوفيد-١٩، إذ يمكن أن يعرض صورًا تشي بشدة بوجود المرض. ومع ذلك، نظرًا لأن الموجات فوق الصوتية للرئة تستكشف فقط محيط الرئتين وتعتمد على المستخدم، فإنّ ثمة حاجة إلى تقديم صور ملموسة ومفصلة للصدر باستخدام الأشعة السينية والتصوير المقطعي الحاسوبي حتى يتسنى تشخيص كوفيد-١٩ تشخيصاً حاسماً، وكذلك لمتابعة تطور المرض ورصده لدى المريض.

٢٠٢٠/٠٦
Vol. 61-2

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية