المفاعلات المبرَّدة بالماء

أدّت المفاعلات المبرَّدة بالماء دوراً هاماً في الصناعة النووية التجارية منذ بداياتها وهي تمثّلُ حاليا أكثر من ٩٥ بالمئة من جميع مفاعلات القوى المدنية العاملة في العالم. وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ أغلب المفاعلات النووية قيد التطوير والتشييد هي مفاعلات مبرَّدة بالماء.

مثّلت المفاعلات المبرّدة بالماء حجر الزاوية في الصناعة النووية في القرن العشرين. ومن بين المفاعلات الـ ٤٤٢ المشغّلة حاليا، تبلغ نسبة المفاعلات المبرّدة بالماء ٦٩ بالمائة. وفي الأصل، رُخّص للعديد من هذه المحطات بالعمل لمدّة ٤٠ سنة، بيد أنه ومن خلال ما أُحرز من تقدّم في المعارف، يجري الآن تمديد أعمار هذه المحطات إلى ٦٠ عاما مع إمكانية تشغيلها لفترة زمنية أطوال من ذلك بكثير. ويُمكن توقّع أن تستمرّ المفاعلات المبردة بالماء في أداء دور هام في القرن الحادي والعشرين.

ومفاعلات الماء الخفيف هي أكثر المفاعلات المبردة بالماء شيوعاً في العالم وهي تنقسم إلى نوعين هما: مفاعلات الماء المضغوط التي تنتج البخار للتربين داخل مولدات بخار منفصلة؛ ومفاعلات الماء المغلي التي تستخدم البخار الذي ينتج داخل قلب المفاعل مباشرة في التربين البخاري. وتتطلّب جميع مفاعلات الماء المضغوط وقودا مثرى بالنظير الانشطاري U-235.

وتستخدم مفاعلات الماء الثقيل مياه "مُثراة" تشتمل جزيئاتها على ذرات هيدروجين مكونة بنسبة أعلى من ٩٩ بالمئة من الديوتيريوم، وهو نظير من نظائر الهيدروجين أثقلُ وزناً. ويحسِّنُ هذا الماء الثقيل المُستخدم كمهدئ من التوازن النيوتروني العام، مما يمكّن من استخدام وقود لا يتطلب الإثراء.

ويتواصل تطبيق العديد من الدروس المستفادة طيلة الأعوام الـ ٥٠ الماضية من تشغيل المفاعلات المبرَّدة بالماء في مراحل تصميم وتشغيل المفاعلات المبرّدة بالماء القائمة والمتقدّمة. وتشمل أوجه التقدّم الحديثة في مجال تكنولوجيا المفاعلات المبرَّدة بالماء التحسينات المدخلة على التصاميم القائمة ووضع تصاميم جديدة، وتقاسم الأهداف المشتركة لتعزيز الأمان، وزيادة كفاءة استخدام الموارد وتحسين الاقتصاديات. وثمّة جانب هام آخر من جوانب تطوير المفاعلات المبرَّدة بالماء هو تصميم واختبار وتشييد مفاعلات ماء مضغوط صغيرة نمطية متكاملة يتم تشييدها في المصانع.

وفي حين أنّه ثمّة في الوقت الحالي عدد من المفاعلات المبرّدة بالماء المتقدّمة قيد التشييد وجاهزة للنشر، تتواصل ابتكارات المفاعلات المبرَّدة بالماء في مجالات الأمان وتكنولوجيا التشييد والاقتصاديات. ولدى نُظُم الأمان المصمّمة في المفاعلات المبرّدة بالماء المتقدّمة الحديثة سمات كامنة لا تعتمد على الطاقة الكهربائية وتشمل مخزونات أكبر من المياه، مما يُتيح فترات تحمّل تدوم أياما عوضا عن ساعات في حالة حصول ظروف غير مخطط لها من قبيل انقطاع التيار الكهربائي في المحطة لفترة مُطوَّلة.

وبغية تعزيز مستويات الكفاءة الحرارية للمحطات واقتصادياتها، يجري تنفيذ أعمال بحث وتطوير فيما يتعلّق بالمفاعلات المبرّدة بالماء فوق الحرِج. وتوجد المياه فوق الحرجة في درجات حرارة ومستويات ضغط أعلى من النقطة الحرجة الخاصة بالماء، والتي يتعذّر فيها التمييز بين حالة السائل وحالة البخار. وعادة ما يستخدم هذا النوع من الماء في تشغيل محطات القوى المتقدّمة التي تعمل بحرق الفحم والزيت والغاز. ومن المتوقع أن تكون مستويات كفاءة المفاعلات المبرّدة بالماء فوق الحرِج أعلى بحوالي ١.٣ مرة مقارنة بالمفاعلات المبرّدة بالماء التقليدية.

وتحفز الوكالة التبادل الدولي للمعلومات فيما يتعلّق بأوجه التقدّم في مجال تكنولوجيا المفاعلات المبرَّدة بالماء، وتتيح منتدى للتعاون الدولي بشأن الابتكارات التكنولوجية. كما أنها تساعد على تقاسم المعلومات الموضوعية والموثوقة وفهم أحدث ما يستجدُّ في مجال تكنولوجيا المفاعلات المبرَّدة بالماء. وتُحدِّدُ الدول الأعضاء مجالات الاهتمام فيما يتعلّق بالتعاون الدولي وذلك من خلال المشاركة في الأفرقة التقنية العاملة المعنية بالتكنولوجيات المتقدّمة الخاصّة بمفاعلات الماء الخفيف ومفاعلات الماء الثقيل التابعة للوكالة. وهذه الأفرقة هي عبارة عن مجموعات من الخبراء تقدّم المشورة والدعم فيما يتعلّق بتنفيذ البرامج، مما يُبرز شبكة عالمية من التميُّز والخبرة تهدف إلى المضي قدماً بتكنولوجيا المفاعلات المبرَّدة بالماء.

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية