You are here

المساعدة على جعل الاندماج حقيقة واقعة

Rafael Mariano Grossi

"إنَّ المستوى الحالي من الالتزام الدولي يقرِّبنا أكثر من أي وقت مضى من مستقبل الاندماج."

 رافائيل ماريانو غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية 

عندما حضر كبار مسؤولي الوكالة مؤتمرَ الأمم المتحدة الدولي الثاني لاستخدام الطاقة الذرية في الأغراض السلمية في عام 1958، وقفوا شاهدين على الكشف عن المحاولات التي كانت تعتبر حتى آنذاك من أسرار الدول، والتي قامت بها البلدان لتسخير قوة الاندماج النووي. ووفقاً لتلك المعلومات التي كُشف عنها، فقد قدَّم الاندماج وعوداً بتزويد المجتمع بطاقة تكاد تكون بلا حدود. ويتطلب الاندماج اجتماع النوى بعضها مع بعض في عملية تُطلِق من نفس كمية الوقود طاقةً أكثر بكثير من الطاقة المستمدة من عملية الانشطار النووي، التي تنقسم فيها الذرات.

وفي أواخر خمسينيات القرن العشرين، عندما كان مستقبل الوقود الأحفوري لا يزال يبدو بلا حدود وعندما لم يخضع تغيُّر المناخ بعدُ للدراسة، كان يُنظر إلى الاندماج على أنه ’شيء من الجيد الحصول عليه‘: أي كرؤية لتوليد الطاقة في المستقبل البعيد. فكيف يختلف العالم الذي نعيش فيه اليوم عما كان عليه، علماً بأن الطلب على الطاقة النظيفة يفوق العرض. إنَّ هذا الأمر جعل المصادر النظيفة للطاقة، مثل الاندماج، تحظى بالأهمية لدى صانعي السياسات والمستثمرين والجمهور الأوسع.

فالاندماج يولِّد طاقة لكل كيلوغرام واحد من الوقود أكبر بأربعة أضعاف من الطاقة التي يولِّدها الانشطار، وأكبر بحوالي أربعة ملايين ضعف من الطاقة التي تولَّد من حرق النفط والفحم. والمستوى الحالي للالتزام الدولي يقرِّبنا أكثر من أي وقت مضى من مستقبل الاندماج.

ومن الأمثلة الرئيسية على ذلك المفاعل التجريبي الحراري النووي الدولي (مفاعل إيتير)، وهو أكبر تجربة اندماج في العالم، حيث يتَّحدُ علماء من 35 بلداً في مسيرة نحو السعي لتحقيق تفاعل اندماج ذاتي الاستدامة. والعمل جار على بناء هذا المفاعل، وعند الانتهاء من أعمال البناء، فإنَّ مفاعل إيتير يبشِّر بالدخول في المرحلة التالية من تطوير طاقة الاندماج -

- أي بناء محطات قوى الاندماج الإيضاحية، والمعروفة أيضا بمحطات DEMO، التي تهدف إلى إنتاج الكهرباء من الاندماج للمرة الأولى.

والوكالة هي في طليعة العاملين على تطوير البرنامج الإيضاحي DEMO، حيث إنها تعمل على تيسير التنسيق الدولي وتتقاسم أفضل الممارسات في المشاريع على الصعيد العالمي. وتشجِّع الوكالة على إجراء المناقشات بشأن محطات DEMO والارتقاء بالحوار الدولي على نطاق واسع، بغية التغلب على التحديات التقنية للغاية وجعل طاقة الاندماج حقيقة واقعة.

ومجلة "Nuclear Fusion" (الاندماج النووي)، وهي مجلة علمية تنشرها الوكالة، تقف شاهدة على التزامنا ببحوث الاندماج. إنها مجلة الاندماج الأطول عمراً والأكثر موثوقية في العالم. وهي تدعم الباحثين والمهندسين في مجال الاندماج على الصعيد العالمي، وتُنزَّل نصوصها الكاملة نصف مليون تنزيل كل عام، وهي باستمرار المجلة الأكثر تأثيراً في مجال الاندماج.

إننا نعرض في هذه المجلة الجهود التي تبذلها الحكومات والمشاركة المتزايدة للقطاع الخاص في الاندماج. ويبيِّن تزايد الاهتمام من جانب المستثمرين ومنتجي الطاقة الرئيسيين أنَّ وتيرة التطورات التقنية اللازمة لجعل الاندماج حقيقة واقعة آخذة في التسارع.

وعلى حد تعبير ليف أرتسيموفيتش، وهو عالم فيزيائي شهير في العهد السوفياتي، "سيكون الاندماج جاهزاً عندما يحتاج إليه المجتمع". وها قد حان وقت الحاجة إليه الآن. فقد أصبح التصدي لتغير المناخ أولوية عالمية، وإزالة الكربون من مصادرنا المتاحة للطاقة هي واحدة من أهم مهامنا. وتسخير طاقة الاندماج يزوِّد البشرية بمستقبل طاقة نظيفة أقرب من أي وقت مضى.

٢٠٢١/٠٥
Vol. 62-2

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية