You are here

ضمانات الوكالة

استخلاص العبر من الماضي واستباق المستقبل

Massimo Aparo

"وإذ نستشرف المستقبل، فمن المرجح أنَّ الطلب على ضمانات الوكالة سيظل يتزايد، وأنَّ التكنولوجيات المستجدة ستجلب معها فرصاً وتحديات على حد سواء".

– ماسيمو أبارو، نائب المدير العام للوكالة ورئيس إدارة الضمانات

على مدى أكثر من نصف قرن، أدَّت ضمانات الوكالة دورها بفعالية في سبيل التحقق من استخدام المواد والأنشطة النووية في الأغراض السلمية. ويصادف هذا العام مناسبتين بارزتين في تاريخ الضمانات، الأولى هي الذكرى السنوية الخمسون لبدء نفاذ أول اتفاقات الضمانات الشاملة المعقودة في إطار معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (معاهدة عدم الانتشار)، والثانية هي الذكرى السنوية الخامسة والعشرون لبدء نفاذ أول بروتوكول إضافي. وتهيئ لنا هاتان المناسبتان فرصة تأمل مسار تطور نظام الضمانات حتى الآن والتفكير في الاتجاه الذي سيتخذه في المستقبل.

وكان نظام الضمانات في بدايته يتناول "مفردات بعينها"، أي أن تطبيق الضمانات كان قاصراً على المواد والمعدات والمرافق النووية التي تختار الدول إخضاعها للضمانات. وفي عام 1967، بدأ التحوُّل نحو نظام الضمانات الشاملة، حين توصَّلت بلدان منطقة أمريكا اللاتينية والكاريبي إلى اتفاق بشأن أول معاهدة تحظر حيازة الأسلحة النووية في إحدى مناطق العالم المأهولة بالسكان. واستهلَّت هذه المعاهدة، المعروفة باسم معاهدة تلاتيلولكو، فصلاً جديداً في تاريخ الضمانات بإلزام الأطراف بقبول تطبيق ضمانات الوكالة على جميع ما لديها من المواد والأنشطة النووية. وكانت المكسيك أول دولة تعقد اتفاقاً عملاً بمعاهدة تلاتيلولكو.

وفي عام 1968، أي بعد عام واحد، فُتِح باب التوقيع على معاهدة عدم الانتشار. وتنصُّ المادة الثالثة من معاهدة عدم الانتشار على إلزام كلِّ دولة طرف غير حائزة لأسلحة نووية أن تعقد اتفاق ضمانات مع الوكالة يُطَبَّق "على جميع المواد المصدرية أو المواد الانشطارية الخاصة المستخدمة في جميع الأنشطة السلمية". وقد وُضعت اتفاقات الضمانات الشاملة في سبيل الوفاء بهذا الالتزام. وكانت فنلندا أول دولة تُدخل حيز النفاذ اتفاق ضمانات شاملة في إطار معاهدة عدم الانتشار، في عام 1972.

وفي أوائل عقد التسعينات من القرن الماضي، أدى الكشف عن مواد وأنشطة نووية غير معلنة في العراق إلى إبراز الحاجة إلى تعزيز نظام ضمانات الوكالة. وفي عام 1993، شرعت الوكالة في تنفيذ برنامج 93 +2 لزيادة تعزيز فعالية تنفيذ الضمانات في إطار اتفاقات الضمانات الشاملة وتعزيز قدرة الوكالة على التحقق من إعلانات الدول عن المواد النووية الخاضعة لاتفاقات الضمانات، لا من حيث الصحة فحسب وإنما من حيث الاكتمال أيضاً. وأفضى هذا البرنامج إلى اعتماد البروتوكول الإضافي في عام 1997. ويكفل البروتوكول الإضافي للوكالة حقوقاً أوسع نطاقاً فيما يتعلق بالاطلاع على المعلومات ومعاينة الأماكن. وكانت أستراليا أول دولة تُدخل بروتوكولها الإضافي حيز النفاذ.

وفي أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بدأت الوكالة في وضع وتنفيذ نهج الضمانات على مستوى الدولة لكلِّ دولة من الدول التي لديها اتفاق ضمانات شاملة، لتتخلى تدريجيًّا عن النُّهُج الرقابية العامة الخاصة بنوع معين من المرافق. وفي عام 2011، وفي إطار الجهود الرامية إلى تمكين الوكالة من تحقيق الاستفادة الكاملة من المرونة التي تكفلها نُهُج الضمانات على مستوى الدولة (ضمن نطاق اتفاق الضمانات ذي الصلة)، بدأت الوكالة في تحديث وتطويع ما هو قائم من هذه النُّهج بناءً على العوامل الخاصة بكل دولة على حدة. وفي عام 2019، أُطلق مشروع لمواصلة تحسين نُهُج الضمانات على مستوى الدولة عن طريق وضع أهداف للأداء.

وإذ نستشرف المستقبل، فمن المرجح أنَّ الطلب على ضمانات الوكالة سيظل يتزايد، وأنَّ التكنولوجيات المستجدة ستجلب معها فرصاً وتحديات على السواء. ولذلك، يتعيَّن علينا أن نُرسي بنية أساسية حديثة للضمانات وأن نستخدم معدَّات ضمانات متطوِّرة، وأن نواصل تطوير ومواءمة نُهُج الضمانات وأدواتها ومنهجياتها. وأنا على ثقة من أننا سنرقى بدعم دولنا الأعضاء إلى مستوى يمكِّننا من التصدي للتحديات التي تواجهنا، ويكفل أن تظلَّ ضمانات الوكالة عنصراً أساسيًّا في الجهود العالمية في مجال عدم الانتشار لعقود قادمة.

٢٠٢٢/١٠
Vol. 63-3

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية