You are here

التقنيات المستمدة من المجال النووي تساعد المزارعين على محاربة تفشّيات أمراض الماشية في آسيا

,
Skin lesions characteristics of lumpy skin disease in three animals in Bangladesh. The active nodular skin lesions covering the entire body are visible. (Photo credit: Badhy, S.C., Chowdhury, M.G.A., Settypalli, T.B.K. et al)

سمات الآفات الجلدية لمرض الجلد الكتيلي كما تظهر على ثلاثة حيوانات في بنغلاديش. وتُشاهد الآفات الجلدية العقدية النشطة على امتداد الجسم بالكامل. (الصورة من: بادي، ش. تش؛ تشودري، م.غ.ع؛ سيتيبالي، ت. ب. ك؛ وآخرون)

ظهرَ على مدى السنوات الأربع الماضية ولأول مرة في أجزاء مختلفة من آسيا وأوروبا مرضٌ كان يقتصر في السابق على المناخَيْن الحار والرطب في إفريقيا. والانتشار السريع لمرض الجلد الكتيلي أمرٌ يكتنفه الغموض بقدر ما هو مثير للقلق، وهو يصيب الماشية بحالة منهكة ومميتة في بعض الأحيان.

وتدعم المختبرات التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية (الوكالة) ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) البلدانَ الآسيوية في تشخيص مرض الجلد الكتيلي وتحديد السلالات الجينية المختلفة للمرض. ويُعدُّ ذلك شرطاً أساسيًّا لبدء استجابة فعالة لوباء هذا المرض الحيواني.

ووفقاً للفاو، يكبّد المرض المزارعين خسائر اقتصادية كبيرة، في حين يحمّل السلطات تكاليف تدابير الوقاية والمكافحة. وتقدّر الفاو أن تفشي مرض الجلد الكتيلي في البلقان في الفترة ٢٠١٦-٢٠١٧ قد كبَّد البلدان المتضررة تكاليف مباشرة تجاوزت ٢٠ مليون يورو في شكل لقاحات وتعويضات عن الحيوانات التي أُعدمت والحيوانات النافقة إلى جانب تكلفة التبخير الجوي. فيما لم يُحدَّد بعدُ الأثر الاقتصادي لهذا التفشي الآسيوي الأوسع نطاقاً بكثير للمرض.

تتبُّع انتشار المرض

ومرض الجلد الكتيلي لم يُفهَم إلا جزئيًّا، وقد اكتسب هذا الاسم من الآفات المميزة التي تتشكل على جلد الماشية المصابة بالفيروس. وقد حدَّدت التفشّيات السابقة في إفريقيا والشرق الأوسط أنواعاً مختلفة من الذباب كنواقل للمرض، لكن يُشتبه أيضاً بدور لحركة الحيوانات المصابة والمنتجات الحيوانية الملوَّثة، مثل السائل المنوي أو الحليب، في انتقال المرض.

وقال جيوفاني كاتولي، رئيس مختبر الإنتاج الحيواني والصحة الحيوانية التابع للمركز المشترك بين الفاو والوكالة لاستخدام التقنيات النووية في الأغذية والزراعة: "نحن بحاجة إلى إعادة النظر بعناية في ماهية نواقل هذا المرض. لدينا بعض الفهم لكيفية انتشاره في إفريقيا. ولدينا فكرة ضعيفة عن ماهية النواقل في أوروبا، لكننا في حيرة كاملة عندما يتعلق بالأمر بالنواقل التي تسبب انتشار المرض في آسيا". وفريق المختبر على اتصال مباشر مع المختبرات والباحثين والسلطات البيطرية في بنغلاديش وبوتان وكمبوديا وإندونيسيا ونيبال ومنغوليا وميانمار وسري لانكا وتايلاند وفييت نام، في محاولة لمساعدتهم على فهم أصول الفيروس وانتشاره باستخدام تقنية التفاعل البوليميري المتسلسل المستمدة من المجال النووي، وهو الأسلوب نفسه المستخدم في جميع أنحاء العالم لتحديد فيروس كوفيد-١٩ وتحليله.

واستناداً إلى قائمة البلدان الأكثر تضرراً، ربما يكون الفيروس قد انتقل من شمال إفريقيا إلى الشرق الأوسط وأوروبا، بما في ذلك روسيا. ومن ثمَّ ظهر بشكل غير متوقع في الصين وجنوب آسيا. وبشكل عام، انتشر الفيروس على نطاق مناخات متعددة وليس من الواضح كيف يمكن أن يحدث مثل هذا الانتشار خلال هذه الفترة القصيرة.

وأوضح كاتولي قائلاً: "الفيروس ينتشر بسرعة كبيرة - أسرع بكثير مما يمكن توقعه. وقد ظهر في الصين لأول مرة في عام ٢٠١٩ وبعدَ عام واحد فقط، لدينا بالفعل أكثر من سلالة واحدة من الفيروس في آسيا".

غير أن قيود السفر العالمية المفروضة في ظل الجائحة قد أثَّرت في قدرة الوكالة على دعم التصدي لتفشي المرض. فعندما ظهر مرض الجلد الكتيلي لأول مرة في بلغاريا في عام ٢٠١٦، تمكَّن الخبراء من السفر إلى هناك لإجراء استقصاءات عن تفشي المرض. وهذه المرة، يتعاون كاتولي وفريقه عبر الإنترنت مع نظرائهم في البلدان الآسيوية المتضررة لتقديم دعم الطوارئ في شكل معدات وكواشف ومواد استهلاكية، ولاستقصاء حالات تفشي المرض وتحليل العينات المقدَّمة إلى مختبر الفاو/الوكالة في النمسا. ومن خلال شبكة مختبرات التشخيص البيطري (فيتلاب)، يمكن للمختبرات في آسيا تبادُل البيانات والنتائج على نحو شبه آنيّ، ويمكن لفريق مختبر الفاو/الوكالة تقديم التعليقات والاقتراحات على الفور بشأن كيفية تحسين البلدان لإجراءاتها.

الاستجابة الصحيحة

للاستجابة السريعة للفيروس أهميةٌ بالغة للسيطرة على انتشاره، وتشمل الطرق المتبعة في هذا الصدد إعدام الماشية والتلقيح وتقييد الحركة. وعندما تفشّى الفيروس في أوروبا، تم استخدام إعدام الحيوانات في البداية ولكن هذا الأمر لم يكن مستحبًّا بين المزارعين. وفي نهاية المطاف، نجح التلقيح والقيود في القضاء عليه في المنطقة، ولكن من الضروري تأكيد مدى فعالية اللقاحات الحالية ضد السلالات الآسيوية الناشئة.

وقال كاتولي: "إنَّ التأكد من أن لديك أفضل لقاح مسألة مهمة جداً لتوفير المال وتحقيق الفعالية - فاللقاح الخطأ يمكن أن يفاقم المشكلة"، موضحاً أن اللقاح غير الفعال أو الأقلّ من اللقاح الأمثل يمكن أن يؤدي إلى نشوء سلالات جديدة وزيادة مدة المرض ورقعة انتشاره. وتعمل الوكالة مع المكتب الإقليمي للفاو في تايلاند لدعم البلدان الآسيوية بتوفير ضمان الجودة ولضمان فعالية اللقاح ضد سلالات الفيروس لديها.

وقد يؤدي التقاعس عن اتخاذ أي إجراء إلى عواقب اقتصادية وخيمة. مرض الجلد الكتيلي هو أحد الأمراض المدرجة لدى المنظمة العالمية لصحة الحيوان، لذلك فإنَّ تفشّيه في بلد ما قد يوقف تصدير الماشية. وعلاوة على ذلك، هو مرض يمسُّ المجتمعات الريفية والقرى أكثر من غيرها. وفي هذا الصدد، قال كاتولي: "لديهم عدد قليل من الحيوانات ويمكن أن يعتمدوا بشكل خاص اقتصاديًّا وفي تغذيتهم على المنتجات الحيوانية مثل الحليب. وفي هذه الأوقات الصعبة بالفعل، يمثل هذا الفيروس الإضافي عبئاً ثقيلاً".

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية