مع تزايد الإقرار بأن الطاقة النووية تمثل مسألة حيوية لدعم التنمية المستدامة والتخفيف من حدة تغيّر المناخ، تتطلع الأمم من أفريقيا إلى آسيا إلى استخدام هذا النوع من الطاقة. وتقدّم الوكالةُ دعماً شاملاً للأممِ التي تنظُرُ في إضافة القوى النووية إلى مزيج الطاقة لديها.
وبعد سنة تاريخية شرعت خلالها الإمارات العربية المتحدة وبيلاروس في استخدام القوى النووية لأول مرة بعد عقد من العمل مع الوكالة، تعمل الوكالةُ على إطلاق سلسلة جديدة من الأنشطة لدعم هذين البلدين المستجدَّين في المجال النووي. وفي وقت سابق من هذا الشهر، اجتمع عبر الإنترنت قرابة ١٠٠ مشارك من حوالي ٣٠ بلداً مستجداً لحضور الاجتماع السنوي الرئيسي للوكالة بشأن تطوير البنية الأساسية للقوى النووية.
وقال السيد ماليندا راناويرا، وهو مسؤول علمي في مجلس الطاقة الذرية في سري لانكا شارك في الفعالية التي نُظِّمت على مدار أسبوع المعنونة الاجتماع التقني بشأن قضايا الساعة في مجال تطوير البنية الأساسية للقوى النووية "تسعى سري لانكا إلى تقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري المستورد وإلى دفع عجلة التنمية المستدامة — وفي هذا الصدد، تُعَدُّ القوى النووية خياراً جذاباً."
ويُمثِّل الحصول على طاقة نظيفة وموثوقة وبأسعار معقولة أمراً بالغ الأهمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، سواء تعلق الأمر بالقضاء على الفقر، أو النهوض بقطاع الصحة والتعليم، أو تيسير التنمية الصناعية، أو الحد من انبعاثات غازات الدفيئة. وبإمكان القوى النووية المساعدة في توفير الطاقة اللازمة لضمان مستويات معيشة رفيعة، وصحة جيدة، وبيئة نظيفة، واقتصاد مستدام. ويعمل قرابة ٣٠ بلداً مع الوكالةِ عند النظر في برامج للقوى النووية أو استهلال برامج من هذا القبيل، بما في ذلك بنغلاديش وتركيا، اللذان يشيِّدان أولى المفاعلات لديهما.
وفي معرض الكلمة الافتتاحية التي ألقاها خلال الاجتماع، قال السيد ميخائيل شوداكوف، نائب المدير العام ورئيس إدارة الطاقة النووية "منذ انعقاد أول اجتماع من هذا القبيل في عام ٢٠٠٦، قَدَّمَ لنا عشرات الخبراء من البلدان المستهِلة والمتوسِّعة والمشغِّلة، سنوياً، معلوماتٍ محدّثةً عن حالة برامج القوى النووية لديهم، وتقاسموا الممارسات الجيدة والدروس المستفادة في هذا الصدد،" وقال أيضاً "إنّ واقع أنّ لدينا الآن قرابة ١٠٠ مشارك يحضرون الاجتماع عبر الانترنت من مناطق مختلفة من العالم هو خير شاهد على الأهمية التي يكتسيها هذا الموضوع."
ومن المتوقع أن يتكثّف عمل الوكالة مع البلدان المستجدّة الشهرَ المقبلَ إذ إنه من المقرر إجراء بعثة في إطار خدمة الاستعراض المتكامل للبنية الأساسية النووية في أوزبكستان، وهي أولى البعثات من أصل أربع في إطار الخدمة المذكورة المقرر إجراؤها في عام ٢٠٢١. أما البعثات الثلاث الأخرى، فستُجرى في أوغندا، وسري لانكا، وكينيا— وهي بلدان نامية تستكشف الخيارات المتاحة في مجال الطاقة النووية لأغراض التنمية المستدامة. (ولا تزال القرارات بشأن إجراء هذه البعثات الثلاث في ظل الجائحة معلقةً.)
وبعثات الاستعراض المتكامل للبنية الأساسية النووية هي بعثات استعراض نظراء شمولية، تُجرى بناء على الطلب، وتُقيَّم في إطارها حالة البنية الأساسية الوطنية لأغراض إدخال الطاقة النووية. وتُتيح هذه البعثات فرصة للبلدان لإجراء مناقشات مع خبراء دوليين حول الخبرات وأفضل الممارسات في هذا الصدد، ولتحديث خططها الوطنية بناء على التوصيات والاقتراحات المقدمة. وفي إطار مسارها نحو النجاح في وضع برنامج للقوى النووية، وخلال كل مرحلة من مراحل هذا البرنامج، طَلَبَت الإمارات العربية المتحدة وبيلاروس إجراء بعثات في إطار خدمة الاستعراض المتكامل للبنية الأساسية النووية، وكذلك في إطار خدمات أخرى تقدمها الوكالة من قبيل خدمات استعراض النظراء والخدمات الاستشارية في مجال الأمن نووي.
أما أوزبكستان، وهو بلد يقع في آسيا الوسطى يبلغ عدد سكانه ٣٣ مليون نسمة ويُعَدُّ أحد اكبر موردي اليورانيوم في العالم، فهو يتطلّع إلى استخدام القوى النووية من أجل تحسين كفاءة الطاقة وزيادة قدرة التوليد، بما في ذلك عبر استخدام المصادر المنخفضة الكربون. وتجري حالياً مفاوضات مع شركة روزاتوم الروسية لتشييد محطة للقوى النووية، ويُتطلَّعُ إلى نشر وحدتين بحلول عام ٢٠٢٩.
وقالت السيدة أليكساندرا خيديرنازاروفا من وكالة تطوير الطاقة النووية في أوزبكستان "أتاحت البعثة التمهيدية للاستعراض المتكامل للبنية الأساسية النووية إجراء مناقشات متعمّقة مع خبراء دوليين حول الخبرات وأفضل الممارسات في مجال تطوير البنية الأساسية للقوى النووية." وقالت أيضاً "مكَّنت التوصيات والاقتراحات التي قدمها فريق بعثة الاستعراض المتكامل للبنية الأساسية النووية من تحديث خطة العمل الوطنية وضمان زيادة تعزيز أمنِ البرنامج الوطني للقوى النووية وموثوقيتِه واستدامتِه."
وإلى جانب بعثات الاستعراض المتكامل للبنية الأساسية النووية، وخدمات استعراض النظراء الأخرى التي تقدمها الوكالة، يشمل الدعم المصمم خصيصاً الذي تقدمه الوكالةُ للبلدان المستجدة المشورة التقنية، والمنشورات، والدورات التدريبية، والحلقات الدراسية الشبكية، وصياغة خطة العمل المتكاملة، التي تعدُّ بمثابة الإطار الاستراتيجي لتخطيط المساعدة المتكاملة التي تقدمها الوكالة فيما يتعلق بتطوير البنية الأساسية للقوى النووية في بلد ما. وتستند المساعدة التي تُقدِّمُها الوكالة إلى نهج المعالم المرحلية البارزة، وهو أسلوب من ثلاث مراحل يغطي ١٩ مسألة تتعلق بالبنية الأساسية، مثل الإطار القانوني والرقابي، والضمانات، وتنمية الموارد البشرية، والمشتريات والتمويل، والتصرف في النفايات المشعّة.
أما كينيا، وهي بلد يعتمد بشكل أساسي على الطاقة المائية والوقود الأحفوري لتوليد الكهرباء، فَتسعى إلى إضافة القوى النووية إلى مزيج الطاقة لديها بهدف تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، على نحو مستدام، والذي تشير تقديراتها إلى أنه سيزداد بنسبة ٧% سنوياً حتى عام ٢٠٣٠. ويجري النظر في استخدام المفاعلات النمطية الصغيرة باعتبارها وسيلة مناسبة نظراً إلى القدرة المحدودة نسبياً التي تتسم بها الشبكة الكهربائية في كينيا، وبمثابة مُكمّل فعال من حيث التكلفة ينضاف إلى القاعدة المتنامية من مصادر الطاقة المتجدّدة في كينيا.
وفي سري لانكا، تنظُر الحكومة في إمكانية استخدام القوى النووية لتوفير قرابة ١١% من احتياجات البلد من الكهرباء بعد عام ٢٠٣٠. وقد أجرت الوكالة ١١ حلقة عمل وطنية وإقليمية بشأن المسائل المتعلقة بالبنية الأساسية النووية في سري لانكا.
وقال السيد راناويرا من مجلس الطاقة الذرية "من أجل النجاح في تشغيل محطة للقوى النووية بحلول عام ٢٠٣٠، يجب على سري لانكا معالجة عدة مجالات متعلقة بالبنية الأساسية، بما يشمل تنمية الموارد البشرية وسياسة الطاقة، وإنّ الدعم الذي تقدمه الوكالة في هذا الصدد سيكون عاملاً حاسماً لكي تُكلَّلَ جهودنا بالنجاح."
وتنظُر أوغندا أيضاً في الأخذ بالقوى النووية وذلك كجزء من خططها الرامية إلى زيادة القدرة على توليد الكهرباء من أجل تلبية الطلب المتزايد. وقد حدد البلد خمسة مواقع محتملة وأبرم اتفاقات في مجال الطاقة النووية مع روسيا والصين.
وينظُر الأردن، وهو بلد يقع في منطقة الشرق الأوسط ويبلغ عدد سكانه ١٠ ملايين نسمة، في إمكانية الأخذ بالقوى النووية لتعزيز أمن الطاقة لديه ومعالجة مسألة ندرة المياه من خلال التحلية النووية.
وقالت السيدة شيرين الطاهر من هيئة الطاقة الذرية الأردنية "أمضى الأردن سنوات في تطوير البنية الأساسية اللازمة لتنفيذ برنامج للقوى النووية، بما شمل إعداد وثائقنا الخاصة بمواصفات تقديم المناقصات وهي وثائق يرد فيها وصف لمتطلبات البرامج واحتياجات المشاريع،" وقالت أيضاً "خلال عملية إعداد الوثائق الخاصة بمواصفات تقديم المناقصات، استند الخبراء التقنيون والاقتصاديون في هيئة الطاقة الذرية الأردنية إلى المنشورات والمبادئ التوجيهية الصادرة عن الوكالة، وقد دُعِمَت هذه العملية أيضاً من خلال استعراض نظراء أجرته الوكالة بشأن وثائق العمل المذكورة."
ويُجري الأردن حالياً تقييماً لمختلف تكنولوجيات القوى النووية. ووفقاً لتقرير استعراض التكنولوجيا النووية الصادر عن الوكالة، يخطط هذا البلد لإدخال محطة قائمة على المفاعلات النمطية الصغيرة في الخدمة بعد عام ٢٠٣٠، وإدخال محطة كبيرة للقوى النووية في الخدمة بعد ذلك.