You are here

أسئلة وأجوبة: الرأي العام عن المجال النووي وتأثيره على الانتقال إلى الطاقة النظيفة

,
Zion Lights

تؤدي الطاقة النووية دوراً مهماً في عملية الانتقال إلى الطاقة النظيفة، ولكن لمدة عقود طويلة، اعتبر استخدامها موضوعاً مثيراً للجدل والانقسام بين الجمهور في جميع أنحاء العالم بما في ذلك في الشرق الأوسط. لذلك ينبغي معالجة هذا الجدال طويل الأمد كجزء رئيسيّ من عملية الانتقال إلى الطاقة النظيفة والمستدامة، خصوصاً بعدما دشّنت الإمارات العربية المتحدة محطة البراكة للطاقة النووية مؤخراً.

للتعمّق في هذا الموضوع، جلسنا مع السيدة زيون لايتس، ناشطة وصحفية بيئية أيّدت طرفي الحوار حول المجال النووي. كانت لايتس سابقاً متحدثة باسم الحركة البيئية العالمية "تمرد ضد الانقراض" التي تنتقد الطاقة النووية، وأصبحت لايتس الآن مديرة التقدم البيئي في المملكة المتحدة أي منظمة أبحاث وسياسات حول الطاقة النظيفة وعدالة الطاقة للجميع.

لم تكوني دائماً من الداعمين للطاقة النووية. ما الذي غيّر وجهة نظرك؟

سمعت الكثير من الأفكار الخاطئة عن مدى خطورة النفايات النووية والإشعاع وضررها. فمعظم الناس في الحركة البيئية التي كنت عضواً فيها لمعظم حياتي يصدقون هذه الأفكار.

ومنذ حوالي ٦ أو ٧ سنوات، قصدت مناظرة حول الطاقة عندما كنت عضواً في حزب الخضر ولم أكن من "مؤيدي" الطاقة النووية، ولكن عندما حاولت طرح سؤال عن هذه الطاقة سرعان ما تمّ تجاهله. فأحسست أنّ ثمّة أمراً مفقوداً، لذلك ناقشت هذا الموضوع مع أحد أصدقائي وهو مهندس، فأرشدني إلى دراسة علمية تتناول إحدى الأفكار الخاطئة التي كنت أصدّقها، وبالتحديد كانت حول عدد الوفيات الناجمة عن أثار الإشعاع من حادثة فوكوشيما. فكنت أعتقد أن أعداداً كثيرة من الناس قد توفيت جرّاء الإشعاع، ولكن اتضح لي أن لا أحد توفي بسببه، الأمر الذي قادني إلى التعمّق أكثر في هذا الموضوع ووجدت أن الكثير من تصوراتي المسبقة لم تمسّ بالحقيقة من شيء وأن الطاقة النووية هي بديل آمن للوقود الأحفوري الذي لا تزال دول عديدة تعتمد عليه بشكل كبير.

لماذا تعتقدين أن الطاقة النووية مهمّة؟

 نعيش في عالم يزداد إحتراراً مما يتسبب بانقراض الحيوانات، ويفاقم المشاكل الحياتية للأفراد الذين يعانون من الفقر المدقع، ويثقل كاهلي الأنظمة الاقتصادية في جميع أنحاء العالم. نحتاج إلى خيارات للطاقة النظيفة لمعالجة آثار هذه الأزمات، وانتشال الناس من الفقر، وتحسين جودة الهواء، والطاقة النووية هي أيضاً الخيار الوحيد للحدّ من انبعاثات الكربون.

فيمكن لمحطة طاقة نووية واحدة أن توفر ٨٠ عاماً من الطاقة النظيفة، بالإضافة إلى أنها لا تشغل مساحة كبيرة. إذاً بسبب عدم توافر هذه الطاقة الموثوقة، تتجه العديد من الدول نحو استخدام الفحم أو الغاز الطبيعي لسدّ فجوات الطاقة.

ويحتاج قطاع الصناعة النووية أن يشاطر الجمهور محاولاته للإقرار بالأخطاء المرتكبة في الماضي ومناقشة مخاوفهم حتى يتقبّل العالم الحلّ النووي بدلاً من الذعر الراهن ويتبنّاه.

بما أن الصناعة النووية أقرّت بأخطائها، لماذا برأيك يُعدّ كسب رضى الرأي العام تحدياً كبيراً اليوم؟

لأنّه من السهل استمالة الناس إلى الرواية الخاطئة أن الطاقة النووية خطيرة. فيتذكّر العديد من الناس حادث محطة تشرنوبل للقوى النووية في ١٩٨٦ والحادث في محطة فوكوشيما داييتشي للقوى النووية باليابان في ٢٠١١. فكان كلاهما موقفاً جدياً وخطيراً، ولكن التقارير المخيفة ضلّلت المعلومات حول حقيقة ما حدث وحول الطاقة النووية بشكل عام، الأمر الذي أزر الحملة المضادة للطاقة النووية.

ولفترة طويلة طغت السمعة السيئة للطاقة النووية بسبب الثقافة الشعبية. فعندما أتحدث مع أشخاص يخشون النفايات النووية على سبيل المثال، يتضح لي بسرعة أن معرفتهم حول هذا الموضوع مستمدّة من الأفلام والبرامج التلفزيونية والرسوم المتحركة، وهي عادةّ ما تشمل سائلاً أخضر مسبباً للتآكل وتتمّ إدارته بشكل سيء. وتنطبق نفس الفكرة الخاطئة على الإشعاع أيضاً، لذلك يخلط الناس بين الطاقة النووية والأسلحة النووية.

لكي يتغيّر الرأي العام عن الطاقة النووية، يجب أن نغير الطريقة التي نعالج بها هذا الموضوع ومن يتحدّث عنها. وعلينا التركيز على الإيجابيات التي تقدّمها الطاقة النووية بدلاً من إقناع الجميع بأنها "آمنة". فالوقود الأحفوري ليس آمناً ولكن بالرغم من ذلك تقوم الصناعات بترويجه على أنه حلّ صديق للبيئة، لذلك علينا ترويج الطاقة النووية على أنها طاقة خضراء.

إذاً برأيك كيف يمكننا تغيير الرأي العام عن المجال النووي؟

من المهم معالجة جذور مخاوف الناس وأساس ما يقلقهم، وللوصول لتلك المرحلة علينا الإنصات إليهم وإلى مخاوفهم وتشجيع الحوار حول الطاقة النووية، الأمر الذي يعني زيادة المحادثات، والتقليل من العروض التقديمية، وإطالة الأسئلة والأجوبة، والتحدّث بجدية مع الناس، والانخراط باتصالات ثنائية الاتجاه بدلاً من استقطاب الحوار والاستخفاف بالمخاوف.

بالإضافة إلى ذلك، لا يملك الجميع المعلومات الكافية عن الإشعاع أو التشعيع أو النووي، وقد لا يعلمون أن الإشعاع يطرأ بشكل طبيعي حولنا، في الأرض وفي الفضاء، ومن السهل قياسه والوقاية منه إذا لزم الأمر. وتساعد الحقائق البسيطة والملموسة التي تصحّح الأفكار الخاطئة بشكل مباشر على معالجة مخاوف معيّنة بدلاً من إعطاء البيانات المعقّدة والأرقام والمقالات الطويلة التي لن يقرأها أحد. ولكن يقتصر الأمر بشكل رئيسي على التواصل بلطف وصبر وتقبّل للآخرين.

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية