You are here

الحدُّ من انبعاثات غازات الدفيئة في الزراعة بمساعدة التقنيات النووية

من مجلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية
,

أبقار ترعى على حصاد حقول الأرز المزروعة وفق النظام المتكامل الذي يجمع بين المحاصيل والثروة الحيوانية.

(الصورة من: محمد زمان/الوكالة الدولية للطاقة الذرية)

يزداد استخدام المزارعين للوسائل الزراعية المستدامة بغية تعزيز الإنتاجية، والتقليل من انبعاثات غازات الدفيئة في الوقت ذاته. وفي سلسلة من مشاريع البحث التي نسّقتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، يجري التأكد من فعالية الوسائل الزراعية المراعية للبيئة من خلال تقنيات النظائر المستقرة.

وعادةً ما تنطوي الزراعة، ولا سيما العمليات التجارية الواسعة النطاق، على الزراعة الأحادية النوع إلى جانب استخدام كميات هائلة من الأسمدة الكيميائية - وغالباً ما يكون ذلك على حساب النظم البيئية. والزراعة الأحادية النوع ممارسة تتمثّل في زراعة نفس المحصول في نفس القطعة من التراب عاماً بعد عام، وذلك ما يؤدي إلى انخفاض خصوبة التربة. ويعوّض المزارعون هذا الانخفاض في خصوبة التربة باستخدام كميات زائدة من الأسمدة الكيميائية، وذلك ما يساهم في تغيّر المناخ من خلال إفرازها ١.٢ مليون طن من أكسيد النيتروز سنوياً على نطاق العالم، وأكسيد النيتروز غازُ دفيئةٍ أقوى من ثاني أكسيد الكربون بـ٢٦٠ ضعفاً.

وتنطوي الممارسات الزراعية المستدامة الكامنة في صميم مشاريع البحث على حلول فعّالة من حيث التكلفة ترمي إلى تعزيز الإنتاجية وتكافح في الوقت ذاته تغيّر المناخ.

البرازيل: الأسمدة العضوية تقلّل من التكاليف وتجعل التأثير البيئي عند حده الأدنى

تمد الأسمدة الكيميائية الأرض بالمزيد من النتروجين من أجل زراعة المحاصيل. وغالباً ما يُعد استخدامها ضرورياً لكي تكون الزراعة مجدية اقتصادياً. غير أن الاستخدام المتكرر أو المفرط لهذه الأسمدة مكلف ويضر بالنظام البيئي. وفي البرازيل، يلجأ المزارعون إلى تقنية معروفة بالسماد الأخضر، وتنطوي هذه التقنية على الظاهرة الطبيعية المتمثّلة في عملية التثبيت البيولوجي للنتروجين.

 ويغرسون أنواعاً مختلفة من المحاصيل البقولية، من قبيل الفاصوليا السيفية والفاصوليا المخملية، وتوجد جراثيم في جذور هذه المحاصيل تحوّل النتروجين الملتقط من الهواء إلى شكل عضوي تستطيع النباتات الأخرى استهلاكه، وذلك ما يُخصِّب الأرض. وبعد حصاد البقوليات وترك بقايا المحاصيل، تُغرس المحاصيل الرئيسية من قبيل الحبوب ومحاصيل الحبوب في نفس الحقل وتستفيد من النتروجين الذي أصبح متوافراً في التراب، وذلك بإضافة كميات دنيا من الأسمدة الكيميائية.

وقال سيغوندو أوركياغا، وهو باحث من الهيئة البرازيلية للبحوث الزراعية، "إنَّ دراسات أجريت حديثاً في الزراعة البرازيلية تبيِّن أنَّ أكثر من ٧٦% من جميع النتروجينات الموجودة في الحبوب والبقوليات المحصودة مستمد من التثبيت البيولوجي للنتروجين، وأن أقل من ٢٠% منها مستمد من أسمدة كيميائية". وأضاف أن السماد الأخضر يساعد المزارعين أيضاً على توفير المال، إذ يُقدَّر أن سعر السماد العضوي لا يبلغ إلا دولاراً أمريكياً واحداً لكل كيلوغرام من النتروجين، وذلك ما قد يؤدي إلى وفورات تصل إلى ١٣ مليار دولار سنوياً.

ومن خلال اعتماد السماد الأخضر، تشارف البرازيل على تحقيق هدفها فيما يخص انبعاثات غازات الدفيئة - أي تخفيض هذه الانبعاثات بنسبة ٤٣% بحلول عام ٢٠٣٠ مقارنةً بمستويات عام ٢٠٠٥. وبما أن الزراعة تتسبّب في ٢٤% تقريباً من انبعاثات غازات الدفيئة عالمياً، سيساعد التنفيذ المتنامي لهذه الممارسة البرازيل على تحقيق ذلك الهدف.

النظم الزراعية المتكاملة تساهم في مكافحة تغيّر المناخ وتعزّز غلات المحاصيل

تعتبر النظم المتكاملة التي تجمع بين المحاصيل والثروة الحيوانية ممارسة زراعية مستدامة أخرى تدعمها التقنيات النووية في إطار مشروع بحثي منسق تشارك فيه الأرجنتين وإندونيسيا وأوروغواي وأوغندا والبرازيل وكينيا والهند. وترتكز هذه الممارسات على مفهوم بسيط: يمكن تحقيق أعلى مقدار ممكن من غلات المحاصيل بإعادة تدوير المغذّيات الموجودة في السماد الحيواني ومخلّفات المحاصيل. ويحدّ ذلك من الحاجة إلى الأسمدة الكيميائية التي تنبعث منها كميات كبيرة من غازات الدفيئة، الأمر الذي يساهم في تغيّر المناخ. وفي ظلّ النظام المتكامل الذي يجمع بين المحاصيل والثروة الحيوانية، يمكن للماشية إمّا أن ترعى على المحاصيل الحقلية مباشرة أو أن تُغذّى بالمحاصيل بعد الحصاد. وحينئذ يجمع المزارعون السماد الحيواني من الماشية ويستخدمونه كسماد، ومن ثمَّ إعادة الكثير من المغذّيات إلى التربة.

ويتبع المزارعون في البرازيل ممارسات متكاملة تجمع بين المحاصيل والثروة الحيوانية بغية حرث الأرض على نحو أنجع. وقال السيد جيفرسون دايكو، عالم التربة من جامعة بارانا الاتحادية بالبرازيل: "إننا نتحرك في اتّجاه تنفيذ زراعة تراعي حفظ الموارد، وقد وقفنا على جدوى هذا النَّهج المشتمل على النُظُم المتكاملة التي تجمع بين المحاصيل والثروة الحيوانية". ونتيجة لذلك، انخفضت انبعاثات غازات الدفيئة من البول والروث بنسبة ٨٩%. وقال خوان كروز كولازو، وهو عالم في المعهد الوطني الأرجنتيني للتكنولوجيا الزراعية، إن الأرجنتين تمكّنت من زراعة المحاصيل الأكثر مقاومةً لآثار تغيّر المناخ. وقال "لقد استفدنا من هذا المشروع من خلال تحسين أراضينا الزراعية من خلال تناوب المحاصيل". وأضاف: "لقد لاحظنا ارتفاعاً بنسبة ٥٠% في محتوى الكربون العضوي في التربة، مما يعزز قدرة نظام زراعة المحاصيل على التكيف مع التغيّرات المناخية التي قد تعوق، لولا ذلك، غلات المحاصيل".

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية