You are here

التمكين من استخدام مرافق التشعيع بطريقة مأمونة وآمنة وسلمية من خلال القانون

Anthony Wetherall, Chenchen Liang

على مدى العقد الماضي فقط، تلقى أكثر من 500 مسؤول التدريب في معهد القانون النووي.

(الصورة من: دين كالما، الوكالة الدولية للطاقة الذرية)

يَعِدُ استخدامُ التكنولوجيا النووية على نحوٍ مأمون وآمن وسلمي بفوائد مهمة للمجتمع، لكن الإشعاعات المؤيِّنة التي تؤدي دوراً أساسيًّا في العديد من التطبيقات يمكن أن تتسبَّب في مخاطر كبيرة على صحة الناس والبيئة. ولذلك يلزم وضع ترتيبات قانونية مُحكمة التنظيم لتقييم هذه الإشعاعات وإدارتها ومراقبتها من أجل تقليل هذه المخاطر إلى الحد الأدنى.

ومرافق الإشعاع المؤيِّن مهمَّة في العديد من المجالات المنطوية على استخدام التكنولوجيا النووية (انظر الصفحة 22)، بيد أنَّها لا تشكِّل مخاطر إشعاعية مماثلة لمحطات القوى النووية، ومن ثمَّ لا تخضع لنفس متطلبات الأمان الإشعاعي والأمن النووي التي تخضع لها المفاعلات. ويجب أن تخضع مرافق الإشعاع المؤيِّن والأنشطة المتصلة بها لمعايير أمان متَّسقة مع اتِّباع نهج متدرج، أي أنَّها يجب أن تُرخَّص من الهيئات الرقابية، وأن تخضع للتنظيم والتفتيش من جانبها.

"تظهر لنا التجربة أنَّ سنَّ القوانين النووية ليس بالمهمة السهلة دائماً. فلا بد من معالجة المجالات التقنية الواسعة الثلاثة - الأمان والأمن والضمانات - جميعاً بطريقة ملائمة وشاملة".
فولفرام تونهاوزر، رئيس قسم قوانين المجال النووي والمعاهدات بالوكالة

وتقع على عاتق الدول المسؤولية الأساسية عن وضع أطر قانونية وطنية شاملة، بما في ذلك الأطر الرقابية، والمحافظة على تلك الأطر القانونية وتعزيزها. وفي العديد من البلدان، تحتلُّ الصكوك الدستورية أعلى الهرم القانوني، ويليها الإطار التشريعي على مستوى التشريع عن طريق سنِّ القوانين.

ويوفِّر هذا الإطار الأساس القانوني لتنفيذ الصكوك الدولية الملزمة وغير الملزمة قانوناً، مثل الاتفاقية المشتركة بشأن أمان التصرف في الوقود المستهلك وأمان التصرف في النفايات المشعة، ومدونة قواعد السلوك بشأن أمان المصادر المشعة وأمنها، وكذلك معايير الأمان وإرشادات الأمن النووي ذات الصلة الصادرة عن الوكالة.

ويمثِّل الإطار التشريعي الأساس الذي يقوم عليه نظام التحكم الرقابي، ويتيح إنشاء أو تسمية هيئة رقابية تتمتَّع بالاستقلالية والموارد البشرية والمالية اللازمة، وتُكلَّف بمجموعة من المهام المحدَّدة بوضوح. وتشمل هذه المهام وضع المعايير وإصدار الأذون والتفتيش والإنفاذ، إضافة إلى تحديد المسؤوليات بوضوح وتنسيقها. ولا غنى عن هذا الإطار التشريعي حتى يمكن استخدام الإشعاع المؤيِّن استخداماً مأموناً وآمناً وسلميًّا، وتتطلَّع البلدان إلى دعم الوكالة في وضع إطارها التشريعي.

سنُّ القوانين ليس سهلاً دائماً

على مرِّ السنوات، التمست الحكومات الوطنية المساعدة من أجل إرساء أو تعزيز أطرها القانونية الوطنية المعنية بالتكنولوجيا النووية. ويقول السيد فولفرام تونهاوزر، رئيس قسم قوانين المجال النووي والمعاهدات بالوكالة: "تظهر لنا التجربة أنَّ سنَّ القوانين النووية ليس بالمهمة السهلة دائماً. فلا بد من معالجة المجالات التقنية الواسعة الثلاثة - الأمان والأمن والضمانات - جميعاً بطريقة ملائمة وشاملة".

وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن تمتثل القوانين النووية الوطنية للمتطلبات الدستورية والمؤسسية التي يفرضها النظام القانوني في كل بلد، مع السعي إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من المواءمة والاتساق مع الأطر التشريعية للبلدان الأخرى فيما يخصُّ المجال النووي.

ومن المهم الإشارة إلى أنَّه على واضعي السياسات ومتخذي القرارات أن يدركوا الطابع الخاص الذي تتسم به التكنولوجيا النووية وتطبيقاتها، لا سيما أنَّها يمكن أن تستتبع مسائل سياسية وحساسة واستراتيجية، ومخاطر أمنية ذات أهمية وطنية ودولية وإقليمية. وإضافة إلى ذلك، فعلى واضعي القوانين مراعاة البعد المتعدد القطاعات الذي تتَّسم به التكنولوجيات النووية والمرافق والأنشطة ذات الصلة، لأنَّ المرء يمكن أن يجدها في قطاعات ومجالات متعددة، ومنها الصحة والطاقة والصناعة والنقل والمياه والأغذية والزراعة.

ومن ثمَّ فإنَّ سنَّ القوانين يتطلب إجراء تقييمات شاملة لطائفة متنوعة من السياسات والقوانين والأطر والترتيبات الرقابية القائمة ذات الصلة. وفي كثير من الأحيان، يلزم إدخال تغييرات كبيرة أو معقَّدة على السياسات القائمة، مما ينطوي على مشاكل رقابية كبيرة فيما بين الوكالات. وبالنسبة للعديد من القائمين على صياغة التشريعات، يعدُّ المجال النووي مجالاً تقنيًّا معقدًّا وعالي التخصص، مما يؤدي كثيراً إلى استخدام مصطلحات وتعاريف تقنية في التشريعات الوطنية.

وبغية التصدي لهذه التحديات وغيرها، يقدِّم برنامج المساعدة التشريعية التابع للوكالة الدعم للسلطات الوطنية، وهو يُنفَّذ في إطار برنامج التعاون التقني التابع للوكالة من أجل إذكاء الوعي وبناء القدرات في مجال القانون النووي، بغية إرساء معايير الأمان والأمن، بما فيها المعايير الخاصة بمرافق الإشعاع المؤيِّن وترخيصها وما ينطبق عليها من اللوائح الرقابية وعمليات التفتيش.

وتقدِّم الوكالة دعماً متعدد الجوانب يشمل الاجتماع بمتخذي القرارات وواضعي السياسات وكبار المسؤولين والمشرعين مثل البرلمانيين؛ وعقد حلقات عمل وطنية ودون إقليمية وإقليمية لطائفة واسعة من المسؤولين؛ واستعراض المسوَّدات والتشريعات النووية السارية. ويعمل البرنامج أيضاً على بناء القدرات عن طريق الدورات التدريبية، مثل معهد القانون النووي – وهو برنامج تدريبي بشأن القانون النووي تنظِّمه الوكالة على مدى أسبوعين سنويًّا ويركِّز على الصياغة التشريعية. وعلى مدى العقد الماضي فقط، تدرَّب أكثر من 500 مسؤول في معهد القانون النووي، وأُقيم أكثر من 200 نشاط ثنائي حول الصياغة التشريعية، وعُقدت 53 حلقة عمل وطنية و18 حلقة عمل إقليمية ودون إقليمية.

وفي الآونة الأخيرة، عزَّزت الحلقات الدراسية الشبكية المعقودة بشأن القانون النووي الحوار حول القانون النووي بين الدول الأعضاء. وخلال السنوات العشر الماضية، اعتمد أكثر من عشرة بلدان في آسيا والمحيط الهادئ وعشرة بلدان في أوروبا وأكثر من عشرين بلداً في أفريقيا تشريعات جديدة أو منقَّحة بمساعدة من الوكالة في مجال الصياغة التشريعية. ومن أمثلة البلدان التي استفادت من هذه المساعدة بروني دار السلام والفلبين، بشأن السيكلوترونات التي رُكِّبت حديثاً لديهما، والأردن، بشأن ما لديه من المعجِّلات. وأخيراً، لا تزال كتيِّبات الوكالة عن القانون النووي، ولا سيما المنشور المعنون "كتيِّب عن القانون النووي: تنفيذ التشريعات"، منشورات مرجعية في هذا المجال.

 

٢٠٢٢/٠٥
Vol. 63-2

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية