You are here

الاندماج بالاحتواء المغناطيسي باستخدام أجهزة توكاماك وسِتلّلاريتُور

Wolfgang Picot

كيف يعمل جهاز توكاماك:

يدفع الحقل الكهربائي الناتج عن المحوِّل التيار (السهام الحمراء الكبيرة) عبر عمود البلازما. ويولِّد ذلك حقلاً مغناطيسياً حلقياً يجعل تيار البلازما ينثني في شكل دائرة (الدائرة العمودية الخضراء). وانثناء العمود في شكل دائرة يمنع التسرب، والقيام بذلك داخل وعاء على شكل كعكة دائرية يخلق فراغاً. ويشار إلى الحقل المغناطيسي الآخر الذي يدور حول طول الكعكة الدائرية على أنه حلقي (الدائرة الأفقية الخضراء).
ويخلق مزيج هذين الحقلين منحنى ثلاثي الأبعاد، مثل الحلزون (يظهر باللون الأسود)، يتم فيه احتواء البلازما بدرجة عالية.

تم التوصل إلى تفاعلات الاندماج الأولى في المختبر في عام 1934، واعتُبر ذلك إنجازاً رئيسياً آنذاك. أما اليوم، فليس من الصعب بوجه خاص التوصل إلى تفاعل الاندماج: ففي عام 2018، دخل طفل يبلغ من العمر اثني عشر عاماً موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأصغر شخص ينجح في إحداث تجربة اندماج في المنزل.

ولسوء الحظ، فإن مثل هذه التجارب تنتج انفجارات تدوم فقط أجزاء من الثواني، والتوصل إلى تفاعلات الاندماج هذه وجعلها تدوم لفترات طويلة لا يزال يمثِّل تحدياً كبيراً. ولا يمكن للاندماج أن يصبح من مصادر الطاقة المجدية تجارياً إلا إذا تسنى استحداث طريقة ثابتة وموثوقة لإنتاج قوى الاندماج.

يمكن لالتواء المغناطيسات أن يُنتج أيضاً شكلاً حلزونياً دون حاجة إلى محوِّل، ويسمى هذا النوع من الأنساق السِتلّلاريتُور.

(الصورتان من: معهد ماكس بلانك لفيزياء البلازما، ألمانيا)

قوى الاندماج

تستغل قوى الاندماج الطاقة المنبعثة من "اندماج" النوى الذرية الخفيفة. وعندما تندمج جسيمات من هذا النوع، تكون النواة الناتجة أخف قليلا من مجموع النوى الأصلية. ويتحول الفرق إلى طاقة بدل أن يختفي. ومن المثير للدهشة أنَّ هذه الخسارة الصغيرة في الكتلة تُترجَم إلى كمية هائلة من الطاقة تجعل السعي للحصول على طاقة الاندماج جديراً بالاهتمام للغاية.

وهناك ثلاث حالات للمادة: الصلبة والسائلة والغاز. وإذا تعرض الغاز لدرجات حرارة عالية جدا، فإنه يصبح بلازما. وفي البلازما، تتجرَّد الإلكترونات من الذرات. ويقال إن الذرة التي لا توجد بها إلكترونات تدور حول النواة هي ذرة مؤيَّنة ويُطلق عليها الأيون. ونتيجة لذلك، فإنَّ البلازما مصنوعة من أيونات وإلكترونات طليقة. وفي هذه الحالة، يمكن للعلماء تحفيز الأيونات لكي تحطِّم بعضها بعضاً فتندمج ثم تطلق الطاقة.

والحفاظ على البلازما في وضع مستقر من أجل استخراج الطاقة أمرٌ صعب. فهي فوضوية وشديدة السخونة وعرضة للاضطرابات وغيرها من حالات عدم الاستقرار. إن فهم البلازما ونمذجتها والتحكم فيها أمر معقد للغاية ولكن الباحثين قطعوا أشواطاً كبيرة في هذا المجال طيلة العقود الماضية.

ويستخدم العلماء أجهزة الاحتواء المغناطيسي لمناولة البلازما. ومفاعلات الاندماج من ذلك النوع الأكثر شيوعاً هي مفاعلات توكاماك ومفاعلات سِتلّلاريتُور. وفي الوقت الحالي، فإنَّ هذه المفاعلات هي المفاهيم الواعدة أكثر فيما يتعلق بمحطات طاقة الاندماج في المستقبل.

ويستفيد النوعان معاً من المفاعلات من كون الجسيمات المشحونة تتفاعل مع القوى المغناطيسية. ووجود مغناطيس قوي في المفاعلات يبقي الأيونات في حالة احتواء. كما أنَّ الإلكترونات تكون محبوسة بقوى المفاعلات. وتقوم القوى المغناطيسية بتدوير الجسيمات باستمرار حول غرف المفاعل على شكل كعكة دائرية لمنعها من الهروب من البلازما.

نفس التحدي وحلول مختلفة

نظراً لأن من الصعب إنشاء أنساق أجهزة سِتللاريتُور، فإنَّ معظم تجارب الاندماج اليوم تستخدم أنساق أجهزة توكاماك (وهي تسمية قصيرة للتعبير الروسي الذي يُترجم إلى ’غرفة حلقية الشكل بملفات مغناطيسية‘). ويجري حاليا تشغيل نحو 60 جهازاً من نوع توكاماك و10 أجهزة من نوع سِتلّلاريتُور.

وكلا النوعين من المفاعلات لهما مزايا معينة. فبينما تعتبر أجهزة توكاماك أفضل في الحفاظ على البلازما في حالة ساخنة، فإن مفاعلات سِتلّلاريتُور تعتبر أفضل في الحفاظ على البلازما في حالة مستقرة. ورغم انتشار أجهزة توكاماك في الوقت الحالي، لا يزال من الممكن أن تصبح أجهزة سِتلّلاريتُور في يوم من الأيام الخيار المفضل لمحطات طاقة الاندماج المحتملة.

وقد قطع الباحثون أشواطاً كبيرة في الاندماج بالاحتواء المغناطيسي ويمكنهم الآن بكل سهولة التوصل إلى بلازما ذات درجات حرارة عالية جدا. وقد طوروا مغناطيسات قوية للتعامل مع البلازما ومواد جديدة يمكنها تحمُّل الظروف الصعبة في أوعية المفاعلات. وأدى التقدم المحرز في المجال التجريبي والنظري والنمذجة والمحاكاة إلى التوصل إلى فهم أعمق لسلوك البلازما، وستكون أجهزة توكاماك وسِتلّلاريتُور التجريبية من نوع المفاعل إيتير أساسية لإثبات الجدوى العلمية والتقنية لإنتاج طاقة الاندماج.

٢٠٢١/٠٥
Vol. 62-2

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية