You are here

من التصدي للزلازل إلى علاج السرطان في سوريا: تمهيد الطريق لتعزيز القدرات الوطنية

,

عقد فريق البعثة الاستعراضية إمباكت اجتماعات تقنية مع جهات معنية رئيسية من 13 مرفقاً في دمشق واللاذقية. (الصورة من: الوكالة)

يقدِّم برنامج الوكالة للتعاون التقني الدعم إلى الجمهورية العربية السورية في مجالات عدة تشمل التصدي للكوارث والمساعدة على مكافحة السرطان.

وفي أعقاب الزلزال المدمر الذي وقع في سوريا في شهر شباط/فبراير 2023، أرسلت الوكالة في شهر أيار/مايو معدات طبية شملت أجهزة متنقلة ومحمولة للتصوير بالأشعة السينية لتعزيز نظام التصدي الطبي. ونظَّمت الوكالة أيضاً حلقة عمل في الفترة الممتدة من 21 إلى 25 أيار/مايو 2023 لفائدة المهندسين والعلماء المحليين لتزويدهم بالمعارف والأدوات اللازمة لتقييم الأضرار الناجمة عن الزلازل بدقة، وهو ما يتيح تيسير جهود التعافي. وخلال تلك الأيام الخمسة، عرَّف فريق من الخبراء الدوليين 15 مشاركاً من حلب ودمشق واللاذقية بمعدات الاختبار غير المتلف والتحليل الزلزالي. وعززت حلقة العمل التعاون لدعم عملية وضع نهج شامل لأنشطة إعادة البناء في المناطق المتضررة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن سوريا، على غرار العديد من البلدان المتوسطة الدخل الأخرى في العالم العربي، تواجه زيادة كبيرة في عدد حالات الإصابة بالسرطان بين سكانها البالغ عددهم 18 مليوناً. وفي عام 2020، سُجِّلت حسب التقديرات 000 21 إصابة جديدة بالسرطان و000 13 حالة وفاة بسبب السرطان، ويُتوقَّع أن يرتفع هذان الرقمان بمقدار يناهز الضعف بحلول عام 2030. ويشكِّل سرطان الأطفال على وجه الخصوص نسبة تقع بين 5 و10 في المائة تقريباً من عبء السرطان في البلد، إذ يُسجَّل نحو 1500 حالة جديدة كل سنة.

وبغية دعم التخطيط لإجراءات مكافحة السرطان وحوكمتها بالاستناد إلى الأدلة، طلبت وزارة الصحة السورية أن توفَد إلى البلد بعثة من البعثات الاستعراضية المتكاملة لبرنامج العمل من أجل علاج السرطان (البعثة الاستعراضية إمباكت) لاستعراض القدرات الوطنية على مكافحة السرطان. وقد أوفَدت الوكالة هذه البعثة في أواخر عام 2022 بالتعاون مع الوكالة الدولية لبحوث السرطان ومنظمة الصحة العالمية. وعقب الاستعراض، سيُقدَّم مقترحان جديدان من مقترحات المشاريع إلى مجلس محافظِي الوكالة للموافقة عليهما كجزء من دورة برنامج الوكالة للتعاون التقني لفترة العامين 2024-2025. وسيدعم المشروعان المقترحان البرنامج الوطني لمكافحة السرطان، وسيحسنان القدرات الوطنية في مجال إنتاج المستحضرات الصيدلانية الإشعاعية.

وقالت رئيسة اللجنة الوطنية السورية للتحكم بالسرطان، السيدة أروى العظمة، ما يلي: "إن التحديات التي يواجهها البلد تتعلق بالتصوير التشخيصي، والعلاج الإشعاعي، والطب النووي لمكافحة السرطان. وترتبط هذه التحديات بصورة رئيسية بأعباء العمل الثقيلة، والقوى العاملة غير الكافية، والنقص في المعدات والتكنولوجيات". وأضافت: "أدى ذلك إلى الحد من نطاق الخدمات ومن مدى توافرها لمرضى السرطان في البلد".

ومن أجل تحسين خدمات الكشف عن السرطان وعلاجه المتاحة للسوريين، حدَّد خبراء البعثة الاستعراضية عدداً من الأنشطة الرئيسية التي ستُنظَّم على شكل خطة عمل وطنية وستُنفَّذ بدعم من الوكالة ومنظمة الصحة العالمية. وتشمل هذه الأنشطة إنشاء سجل للسرطان، وتطوير أدوات لمراقبة السرطان، ووضع برنامج للعلاج الإشعاعي على الصعيد الوطني، وتنفيذ برامج تدريب معتمدة في مجالَي التصوير التشخيصي والطب النووي.

وفي مجال الوقاية من السرطان، خلصت البعثة الاستعراضية إمباكت إلى أن التخفيف من استخدام التبغ واستهلاك الكحول، واعتماد سياسات لتعزيز التغذية السليمة لدى الأطفال، هما أمران ضروريان للحد من تزايد حالات الإصابة بالسرطان في سوريا. كذلك، اكتشف فريق البعثة الاستعراضية إمباكت أن استشارة مرضى السرطان مقدِّمِي الرعاية الصحية الأولية بعد إصابتهم بالسرطان بوقت طويل، وغالباً بعد بلوغ المرض مرحلة متقدمة، تشكِّل تحدياً يمكن التخفيف منه عن طريق وضع مخططات للكشف المبكر عن السرطان، ولا سيما فيما يتعلق بسرطان الثدي وسرطان البروستاتا. وإحدى المسائل التي تم التركيز عليها في التقييم هي العبء الثقيل لسرطان الأطفال ومحدودية إمكانية الاستفادة من خدمات مراكز التشخيص والعلاج المتخصصة في البلد. ولدى سوريا مركزان مجهزان تجهيزاً جيداً لمعالجة الأورام لدى الأطفال يقدِّمان العلاج المتعدد التخصصات للسرطان إلى ما يزيد على 50 في المائة من مرضى السرطان من الأطفال في البلد. ولكن لا يكمِل العديد من الأطفال العلاج الموصى به بسبب النقص في الأدوية وانقطاع الخدمات.

ويُذكر أن البعثة الاستعراضية إمباكت، التي اضطلعت بمهامها بالوسائل الافتراضية ومن خلال اجتماعات عُقدَت داخل البلد في عام 2022، نظرت بالتفصيل في قدرات سوريا على مكافحة السرطان وما للبلد من احتياجات في هذا الصدد. وجُمعت بيانات وعُقدَت اجتماعات تقنية مع جهات معنية رئيسية من 13 مرفقاً في دمشق واللاذقية. وشملت هذه المرافق مراكز متخصصة لعلاج السرطان ومستشفيات تديرها وزارتا الصحة والتعليم العالي، وكذلك القطاع الخاص ومنظمات غير حكومية، بما في ذلك ست من منظمات المجتمع المدني المعنية بمكافحة السرطان.

وتُعدُّ البعثات الاستعراضية إمباكت من الأنشطة الأوسع نطاقاً التي توفرها الوكالة وشركاؤها لمساعدة البلدان على التصدي لعبء السرطان. وفي هذا السياق، نظَّمت اللجنة الوطنية السورية للتحكم بالسرطان مناقشات طاولة مستديرة خلال البعثة الاستعراضية، جمعت خلالها جهات معنية رئيسية لمناقشة مجالات التدخل الاستراتيجية والأنشطة ذات الأولوية المتوافقة مع التوصيات التي قدَّمها الخبراء الدوليون ولتحديد المجالات والأنشطة هذه. ومن بين خطوات أخرى، وافقت اللجنة على وضع اللمسات الأخيرة على الاستراتيجية الوطنية لمكافحة السرطان وخطة عمل متعلقة بها لتعزيز قدرات الأفرقة العاملة التقنية والتواصل مع المجتمع المدني.

وتمكَّن فريق البعثة الاستعراضية إمباكت، خلال المهام التي اضطلع بها داخل سوريا، من تحديد كيفية تلبية الاحتياجات في مجال الطب الإشعاعي، ولا سيما فيما يخص التشخيص والعلاج، من خلال برنامج الوكالة للتعاون التقني الوطني الجاري والمخطط. واستطاع الخبراء أيضاً التحقق من صحة نتائج الاستعراض الافتراضي من خلال اجتماعات متابعة مع عدد من مدراء المستشفيات المحلية، والعاملين في مجال الرعاية الصحية، وواضعي السياسات الوطنية، وهم أشخاص أبرَزت خبراتهم الدور المهم الذي تؤديه السياسات الصحية الوطنية في عمل المهنيين اليومي في الميدان.

وذكرت السيدة إيمان شنقيطي، وهي ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا، أن "البعثة الاستعراضية إمباكت التي أوفِدَت إلى سوريا قدَّمت فرصة مهمة للعمل مع السلطات الصحية الوطنية، وإجراء تقييم شامل، وتقديم توصيات يمكن الاسترشاد بها على المستوى الوطني لإجراء عمليات التخطيط والاستثمارات الرامية إلى مكافحة السرطان، بناءً على نهج مستدام". وتابعت قائلةً: "تعمل منظمة الصحة العالمية، هي وشركاؤها، على النهوض بالنظام الصحي الوطني للمساعدة في تحسين إمكانية الحصول على علاجات السرطان وتعزيز تنفيذ التدخلات المرتبطة بالوقاية من السرطان، وتشخيصه المبكر، وفحص المرضى المصابين به". 

وفضلاً عن ذلك، شارك كل من المكتب القطري لمنظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للسكان في المناقشات المتعلقة بإمكانية تقديم الدعم إلى سوريا في تنفيذ توصيات البعثة الاستعراضية إمباكت.

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية