يسهم التملُّح، ويُقصد به زيادة كمية محتوى الملوحة في التربة، في تدهور الأراضي والتصحُّر وبالتالي انعدام الأمن الغذائي. وفي الشرق الأوسط، يتمثَّل العائق الرئيسي أمام التنمية الزراعية للأراضي القاحلة وشبه القاحلة في محدودية توافُر المياه، ما يجعل الإنتاج الزراعي صعباً. ولمواجهة التحدي المزدوج المتمثل في ملوحة التربة ونقص المياه، دعمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في إطار شراكة مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، عشرة بلدان بالمنطقة تواجه درجة حادة من الملوحة من أجل تحسين ممارسات إدارة التربة والمياه والمحاصيل باستخدام التقنيات النووية والنظيرية. وبعدَ مرور خمس سنوات، يزرع المزارعون اليوم بنجاح محاصيلَ ذات غلة كبيرة في ظل ظروف الملوحة. وثمة مبادئ توجيهية متاحة الآن لمساعدة البلدان على إنتاج مختلف المحاصيل على الأنواع المختلفة من التربة المتأثرة بالملوحة.
ومن خلال برنامج الوكالة للتعاون التقني، وبشراكة مع الفاو، درَّبت الوكالة 60 عالماً من الأردن والإمارات العربية المتحدة وسوريا والعراق وعُمان وقطر والكويت ولبنان والمملكة العربية السعودية واليمن وعملت مع هؤلاء العلماء، وهم يستخدمون اليومَ التقنيات النووية والنظيرية لتحسين غلة المحاصيل في التربة المتأثرة بالملوحة. وتشكل هذه البلدان الاتفاق التعاوني للدول العربية الواقعة في آسيا للبحث والتنمية والتدريب في مجال العلم والتكنولوجيا النوويين (اتفاق عراسيا).
وقال محمد زمان، عالم التربة وأخصائي التغذية النباتية في الشعبة المشتركة بين الفاو والوكالة لاستخدام التقنيات النووية في مجال الأغذية والزراعة: "إنَّ ملوحة التربة دينامكية وتنتشر عالميًّا في أكثر من 100 بلد، ولا توجد قارة خالية تماماً منها". "وعلى أي حال، تواجه بلدان الشرق الأوسط في معظمها درجة حادة من الملوحة، ومن المتوقع أن يزداد ذلك بسبب تغيُّر المناخ وعواقبه: أي ارتفاع مستوى سطح البحر وارتفاع درجة حرارة الهواء. وتتمثل التحديات الرئيسية في ظلّ هذه الظروف في توافُر المغذيات الأساسية، خاصة النيتروجين، وكذلك المياه للنباتات المتأثرة سلباً بوجود أملاح مفرطة في التربة".