You are here

الفلبين: استخدام الأعشاب البحرية المعالجة بالإشعاع لزيادة مقاومة محصول الأرز للأعاصير

من مجلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية
,

مقاومة محصول الأرز للظروف الجوية تزداد عند تغذيته بالأعشاب البحرية المعالجة بالإشعاع. 

(الصورة من: الوكالة الدولية للطاقة الذرية)

توصل باحثون في الفلبين إلى أن مستخلص الأعشاب البحرية، عند معالجته بالإشعاع، يجعل النباتات مقاومة أكثر للأعاصير ويعزز إنتاج محصول الأرز بنسبة ٢٠-٣٠%. ويأتي المستخلص المُسمّى الكراجينان من الطحالب الوفيرة في البحر. ورغم أنَّ الكراجينان شائع الاستخدام بالفعل كعامل تبلور وكمادة مكثِّفة في تحضير الأطعمة المصنعة، فهذه هي المرة الأولى التي يستخدمه الباحثون – بدعم من الوكالة – على نطاق واسع كمادة لحثّ نمو النباتات.

وقال إيساجاني كونسبسيون، وهو مهندس إشرافي ومزارع غير متفرغ في سان مانويل في مقاطعة تارلاك الوسطى: "لقد نجح الأمر منذ اليوم الأول الذي استخدمته فيه." واستُخدمَ حقل الأرز الذي يملكه كونسبسيون والبالغة مساحته أربعة هكتارات للاختبار. وبعد استخدام الكراجينان المُعدّل، لاحظ زيادة في الإنتاج بنسبة ٣٠%. وأضاف: "كنت أحصل على ٢٩١ كافان، والآن أحصل على ٣٧٨. فحتى رش جرعة صغيرة فقط هو عملية فعّالة بقدر استخدام السماد العضوي." والكافان هو كيس يستوعب قرابة ٥٠ كج.

 وبدأت النباتات أيضاً في استنبات جذور ممتدَّة أكثر وسيقان أمتن وأغصان أكثر. وكما قال كونسبسيون، هذا ما جعلها قادرة على الصمود أكثر أمام الأعاصير. وفي بولاكان، دمر إعصار لاندو في عام ٢٠١٥ جميع النباتات التي لم تُعطَ الكراجينان المشعع. بينما ظلت تلك النباتات التي عولجت بمُحفّز النمو الجديد شامخة.

وبالنسبة للمزارعين في شرق آسيا، فإنَّ المنتج المشعَّع يكون هاماً عندما تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى تسخين المحيطات، وفقًا لتقديرات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ التابعة للأمم المتحدة. ويَعي المزارعون أن ارتفاع درجة حرارة المحيطات قد يؤدي إلى زيادة عدد ووتيرة الأعاصير.

وقد قام باحثون زراعيون في المركز الوطني لحماية المحاصيل التابع لجامعة الفلبين في لوس بانوس باختبار فوائد الكراجينان كمادة لحثّ نمو النباتات على مساحة تزيد عن ٥٠٠٠ هكتار. وقدمت الوكالة أجهزة التشعيع، والتدريب على استخدامها، للخبراء المحليين. ووجد الباحثون في دراسة أجريت في بوليلان، وهي مقاطعة في وسط بولاكان، أن المناطق التي رُشّت تنتج محاصيل ذات غلة تزيد بنسبة ٦٥% على مجموعة المقارنة، مع استخدام نصف جرعة السماد الموصى بها فقط.

وقال جوسليتو كولدرون، وهو مزارع من بولاكان: "إنَّ أول فرق لاحظناه هو أن تأثير التسميد استمر لفترة طويلة." وأن جزء الطرف الحامل للحبوب في الساق كان ممتلئاً إلى نهايته."

محفز نمو النبات المحتوي على الكراجينان هو الحل لمشكلة شحّ المحاصيل. وتزيد هذه التكنولوجيا من غلة حصاد المحاصيل، وتزيد معها سبل معيشة المزارعين.
لوسيلي أباد، مديرة شعبة البحوث الذرية، معهد البحوث النووية الفلبيني

التشعيع بديل للكيماويات

تنطوي التقنية على إخضاع المادة للإشعاع لخفض الوزن الجزيئي للكراجينان وبالتالي زيادة فعاليتها. وأوضح السيد سونيل سابهاروال، وهو أخصائي في المعالجة الإشعاعية في الوكالة، أن الكراجينان هو خليط من البوليمرات الطبيعية المشتقة من الأعشاب ذات الوزن الجزيئي العالي. ويؤدي التشعيع بأشعة غاما إلى تحلل الكراجينان الطبيعي إلى أوليغومرات أصغر بوزن جزيئي منخفض نسبياً، المعروفة بتحفيزها لنمو النبات.

وقال لوسيل أباد، مدير شعبة البحوث الذرية بمعهد البحوث النووية الفلبيني (PNRI) التابع لوزارة العلوم والتكنولوجيا: "نعمل بالإشعاع ما يعمله الآخرون باستخدام الكيماويات، ولكن استخدام الكيماويات ينتج في كثير من الأحيان مخلفات تضُر بالناس والبيئة".

وأدرك المزارعون أن النباتات عند تعريضها للكراجينان المعالج بالإشعاع قد كانت صامدة أمام الحشرات والمفصليات مثل دويبة أم أربع وأربعين. وفي الوقت نفسه، زاد عدد العناكب التي تقتل بدورها الحشرة النطاطة الخضراء الناقلة للفيروسات. وقال كولدورون: "لم نكن بحاجة إلى استخدام المبيدات الحشرية لأننا أدركنا وجود حشرات أكثر ملاءمة لطرد الآفات. ولقد ساعدت هذه الحشرات على تقليل عدد الآفات، وبالتالي توقفنا عن استخدام المبيدات الحشرية."

وتؤثر التكنولوجيا أيضاً على الوزن. حيث سجل المزارعون زيادة بنحو ٩% لكل كيس. وتؤثر الزيادة في وزن الحبوب على ساق الأرز وطول السُنبلة التي تحسنت وفقا للملاحظات الواردة عند مقارنة النباتات المُغذّاة بالكراجينان بالزراعة التقليدية.

وقال أباد: "إن محفز نمو النبات المحتوي على الكراجينان هو الحل لشح المحاصيل. وتزيد هذه التكنولوجيا من غلة حصاد المحاصيل، وتزيد معها سبل معيشة المزارعين."

التطبيقات الصناعية للتكنولوجيا الإشعاعية

أجريت البحوث الأولية على الكراجينان المعدل بالإشعاع في معهد البحوث النووية الفلبيني. وهناك مرفقان – وهما منشأة تشعيع شبه آلية لأشعة غاما ومرفق للحزم الإلكترونية أنشئ بمساعدة الوكالة – يستخدمهما الباحثون في المعهد لتلبية احتياجات العملاء في قطاع الصناعة والأوساط الأكاديمية والبحوث.

(الرسم المعلوماتي: ر. كين/الوكالة الدولية للطاقة الذرية)

وقال لفيمينا لانوزا، رئيس خدمات التشعيع في معهد البحوث النووية الفلبيني: "نقوم بتشعيع الغذاء للحد من العبء الجرثومي لأغراض سلامة الأغذية. "ويشمل هذا التوابل، والمنتجات العشبية، والخضروات المجففة، ومواد التجميل الخام ومستحضراتها."

وأوضحت لانوزا أن للإشعاع العديد من الفوائد مقارنة بالأساليب الكيميائية الأخرى. فعلى سبيل المثال، يعتبر التشعيع عملية باردة تُمكّن من تعديل المواد البلاستيكية دون ذوبانها. وأشعة غاما قادرة على الاختراق بصورة كبيرة، مما يعني أنه يمكن أن تشعع المنتجات الغذائية في شكلها المعبأ النهائي. ففي عام ٢٠١٧ فقط، قام موظفو معهد البحوث النووية الفلبيني بتشعيع ١٤٠٠ متر مكعب من المنتجات الغذائية وغير الغذائية.

وقالت لانوزا: "نتوقع زيادة هذا الرقم بحلول العام المقبل." وجار العمل على الارتقاء بمرفق تشعيع غاما من نظام شبه آلي إلى نظام آلي بالكامل من خلال أحد مشاريع الوكالة للتعاون التقني. وأضافت: "نأمل أن نتمكن من تحسين الخدمات التي نقدمها لتلبية احتياجات الصناعة الطبية، بالإضافة إلى تعقيم الأجهزة الطبية."

نُشر هذا المقال في مجلة الوكالة في عددها الصادر في أيلول/سبتمبر ٢٠١٨ الذي يتناول موضوع "تسخير التكنولوجيا النووية من أجل المناخ: التخفيف من حدة تغيُّر المناخ ورصده والتكيُّف معه".

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية