You are here

الابتكار في التدريب الافتراضي على الأمن الحاسوبي للمرافق النووية والإشعاعية

Anjarika Strohal

تعمل اتجاهات التكنولوجيا الرقمية المتغلغلة في كلّ مكان والمتنامية باستمرار على تغيير حياتنا بسرعة وبشكل هائل. وتعتمد البنى الأساسية الحسّاسة اليوم، التي تشمل القوى النووية والاستخدامات السلمية الأخرى للتكنولوجيا النووية، اعتماداً كبيراً على التكنولوجيات الرقمية من أجل تشغيلها السّلس والموثوق. ومن المرجح أن تكون وعود التكنولوجيات الجديدة الآخذة بالتطور بوتيرة متسارعة، مثل الذكاء الاصطناعي، لحلّ المشكلات وتحسين العمليات التشغيلية التي يتم التحكم بها رقميًّا مفيدةً في تحسين التطبيقات النووية. وعليهِ، فإنها تُستخدم ويؤخذ بها اليوم في تصاميم المفاعلات المتقدّمة.

وعلى الرغم من أن هذه التكنولوجيات الرقمية تجلب معها العديد من الفوائد، إلا أنها، للأسف، قد تستحدث العديد من مواطِن الضعف المحتملة وغير المعروفة. ومردُّ ذلك إلى التهديد القائم للاختراقات السيبرانية أو الهجمات السيبرانية الخبيثة التي تستهدف المرافق النووية والتي قد تستغل هذه التكنولوجيات نفسها.

وكان من شأن عدد ونطاق الهجمات السيبرانية المعقدة بشكل متزايد أن أوجدَ طلباً ملحًّا داخل أروقة الصناعة النووية للتدريب على الأمن الحاسوبي للمرافق النووية والإشعاعية. وللمساعدة على تلبية هذا الطلب، أعدّت الوكالة الدولية للطاقة الذرية سلسلة من الدورات التدريبية التي تتناول مواضيع مختلفة، ابتداءً من أساسيات الأمن الحاسوبي، ووصولاً إلى الأمن الحاسوبي الأكثر تقدّماً لنُظم الأجهزة والتحكم.

ومن خلال توفير هذه الدورات التدريبية المخصَّصة والمتطورة والمتقدمة، والتي تتضمن تعلُّماً تجريبيًّا عمليًّا، تكون الوكالة قد حدّدت الحاجة إلى منصة إلكترونية بسيطة يمكنها توحيد منهاج الدراسة وتتيح استخدامه على نطاق أوسع وأكثر شمولية من قبل كيانات التدريب - دون مساعدة حضورية من الوكالة. فقد أبرزت قيود السفر إبّان جائحة كوفيد-19 والاستخدام الواسع النطاق للتكنولوجيات الافتراضية هذه الحاجة وسرّعت عملية تطوير المنصة.

"من خلال محاكاة البيئات الفعلية، تمكّن هذه المنصة المتعلمين من اكتساب المهارات والخبرات العلمية الضرورية لإدارة الأمن النووي بشكل فعّال".
هيلموت ليوبولد، رئيس مركز الأمان والأمن الرقميين في المعهد النمساوي للتكنولوجيا-

وتهدف أداة التدريب الافتراضي، المسمّاة Learners (المتعلمون)، إلى توفير دورات تدريبية مرنة وشائقة في مجال الأمن الحاسوبي للأوساط النووية من خلال تقديم مواد تدريبية وتجربة التمارين العملية ضمن بيئة افتراضية. وكلُّ ما يحتاجه المشارك هو جهاز حاسوب واتصال موثوق بالإنترنت للوصول إلى جميع مواد الدورة التدريبية اللازمة. وقالت إيلينا بوغلوفا، مديرة شعبة الأمن النووي في الوكالة: "من المتوقع أن تضطلع المنصة الجديدة بدور محوري في تحسين الوعي بالأمن الحاسوبي والتدريب لأغراض الأمن النووي، وبناء مجتمع راسخ من الخبراء، والإسهام في تحسين الأمان والأمن في المرافق النووية وتلك المرافق المرتبطة بالمواد المشعة".

وابتداءً من حزيران/يونيه 2023، ستجعل الوكالة منصة Learners متاحة عالميًّا من أجل تحسين الأمن الحاسوبي في المرافق النووية، وكذلك في المرافق والأنشطة المنطوية على مصادر مشعة.

وأبرمَ المعهد النمساوي للتكنولوجيا (AIT) - وهو مركز متعاون مع الوكالة في مجال أمن المعلومات والأمن الحاسوبي لأغراض الأمن النووي - شراكةً مع الوكالة لإنشاء منصة Learners.

وقال هيلموت ليوبولد، رئيس مركز الأمان والأمن الرقميين في المعهد النمساوي للتكنولوجيا: "تحقق بيئة التعلّم الافتراضية قيمة هائلة لزيادة القدرات التشغيلية وكذلك الاستراتيجية من خلال دعم أغراض التدريب المختلفة". وأضاف قائلاً: "من خلال محاكاة البيئات الفعلية، تمكّن هذه المنصة المتعلمين من اكتساب المهارات والخبرات العلمية الضرورية لإدارة الأمن النووي بشكل فعّال".

تعلُّم تحسين الأمن الحاسوبي

منصة Learners التابعة للوكالة متاحة عند الطلب لتحسين التدريب على الأمن النووي. وهذه المنصة مصمَّمة لتكون سهلة الاستخدام للجمهور على المستوى الدولي وتوفر دعماً متعدد اللغات. وتتسم المنصة بميزات مختلفة، مثل التمارين الموجّهة، والتعقيبات الفورية، وتكامل العرض التقديمي، والدعم المتعدد الشاشات. وهو ما يجعل المنصة قابلة للتكيّف ويمكن الوصول إليها للاستخدام من قبل منظمات التدريب والمستخدمين المباشرين.

ومنصّة Learners مصمَّمة كمنصة لتطوير وتوفير واستخدام بيئات المحاكاة التفاعلية، وبُنيت باستخدام تكنولوجيات المصادر المفتوحة. تشمل الوحدات الإضافية نُهجاً موحّدة لمنصات الحوسبة، وإتاحة البنية الأساسية وإتاحة البرمجيات، ما يمكّن من سهولة المشاركة وتبادُل المعارف مع المزوّدين الحاليين بالتدريب التابعين للوكالة والمنظمات الأخرى التي تعتزم استخدام المنصة.

وأُعِدَّ اثنا عشر تمريناً عمليًّا تم تقسيمها إلى ست مجالات مواضيعية قائمة على إرشادات الأمن النووي الصادرة عن الوكالة بشأن الأمن الحاسوبي. وأضافت بوغلوفا قائلة: "باستخدام بيئات افتراضية تمثل المرافق الفعلية، تعزز منصة Learners تنمية المهارات العملية وتدعم وصولاً أكثر إنصافاً إلى المعارف والمهارات".

وتُعدُّ منصة Learners أحد جوانب العمل الذي تضطلع به الوكالة لزيادة الوعي، وتعزيز التعاون، وتوفير الدعم للدول للتصدي لتهديدات الأمن السيبراني المتفاقمة في القطاع النووي. وأتيحت أنشطة بناء القدرات لأكثر من 120 بلداً خلال الأعوام الخمسة الماضية. وعلاوة على ذلك، كان من شأن الدعم المقدَّم من خلال بعثات الخبراء؛ والدورات التدريبية الوطنية والإقليمية والدولية؛ والاجتماعات التقنية؛ والحلقات الدراسية الشبكية تعزيزُ التعاون النشط، وتقاسُم المعارف، وتطوير المهارات. وبالإضافة إلى ذلك، تدعم الوكالة البلدان في تنظيم تمارين واسعة النطاق في مجال الأمن السيبراني.

تمرين عملي ومركز إيضاحي

وللمضي قُدُماً، من المهم للغاية مواصلة الاستثمار في مثل هذه المبادرات لبناء القدرات لضمان أعلى معايير الأمن النووي في جميع أنحاء العالم. ومن المقرر افتتاح المركز التدريبي والإيضاحي في مجال الأمن النووي التابع للوكالة والمزوَّد بأحدث التقنيات في النصف الثاني من عام 2023 للإسهام في تعزيز قدرات البلدان على التصدّي للإرهاب النووي من خلال اكتساب خبرات التمارين العملية. وستدمج الدورات التدريبية المبتكرة التي يطرحها المركز التدريبي والإيضاحي في مجال الأمن النووي مواضيع تتعلق بالأمن الحاسوبي وستشمل سيناريوهات للهجمات السيبرانية التي من الممكن أن تستهدف المرافق النووية أو المرافق والأنشطة المنطوية على مصادر مشعة.

٢٠٢٣/٠٦
Vol. 64-2

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية