You are here

كيف يجعل التعاون الدولي العالم آمناً من التهديدات السيبرانية

Tighe Smith

تواجه الصناعة النووية تحدّياً لا يُستهان به في الحفاظ على الأمن الحاسوبي بسبب الاستخدام الواسع النطاق للأجهزة الرقمية. وهذا الاتجاه واضح للعيان في حياتنا اليومية، فقد شاعت وانتشرت الثلاجات الذكية، والإنارة الذكية، وسائر الأجهزة الذكية التي يتمّ التحكم فيها عن بُعد عبر الحوسبة السحابية. ونجد عناصر رقمية في العديد من النُّظم في المرافق النووية، التي لم تكن تحتوي في السابق على أيّ مكوّنات رقمية. وتوفر قوتها في الحوسبة، وطبيعتها القابلة لإعادة البرمجة، وقدرتها على الربط فيما بينها كفاءةً لا مثيلَ لها في دعم العمليات التشغيلية، والأمان النووي، والأمن النووي.

وتوضَع تصاميم المفاعلات النمطية الصغيرة وتصاميم سائر المفاعلات الجديدة الأخرى في عالم قائم في المقام الأول على التقنية الرقمية مع استخدام أكثر انتشاراً للنُّظم الحاسوبية من التصاميم السابقة. وقد تُصمَّم للعمل عن بُعد أو حتى بشكل مستقل، باستخدام البنية الأساسية للشبكة الحاسوبية للتواصل مع منصة تشغيل مركزية. ويمكن لهذا النَّهج أن يُستغلّ من جهات فاعلة خبيثة كجزء من هجوم ضد أحد تلك المرافق.

ومع ذلك، فإن هذا التحديث الرقمي للصناعة النووية يجلب معه المزيد من التحديات لأنه بدون أمن حاسوبي كافٍ يمكن أن تستغل جهاتٌ فاعلة خبيثة نقاط الضعف أو مواطِن الضعف كجزء من هجوم ضد أحد تلك المرافق.

ومن أجل مواجهة التحديات التي يفرضها مشهد التكنولوجيا الرقمية بتطوراته السريعة في المرافق النووية، وتلبية الحاجة إلى دعم النُّهج المنسَّقة فيما بين البلدان والمرافق، اعتمدت اللجنة الدولية للتقنيات الكهربائية نهجاً قائماً على العواقب المحتملة وموضوعاً عن عِلم بالمخاطر يتماشى مع إرشادات أمن المعلومات والأمن الحاسوبي ضمن سلسلة الأمن النووي الصادرة عن الوكالة. وبدلاً من اتّباع نَهْج يقوم على الإيعاز بما يجب فعله، ننصح باتّباع نَهْج متدرّج، ما يمكّن المؤسسات من تحديد مستوى التحكم المطلوب لمنتج ما أو عملية ما بناءً على العواقب المحتملة للهجمة السيبرانية. وعلى سبيل المثال، تتمثل الخطوة الأولى لوضع برنامج للأمن الحاسوبي في استعراض وظائف المرافق النووية، وتقييم تأثيرها على الأمان والأمن، وتحديد المستوى المناسب لمتطلبات الأمن.

"بعد أن باتت القضايا العالمية مثل تغيُّر المناخ وأمن الطاقة أكثر إلحاحاً، تتطلع بلدان عدّة إلى اللجوء إلى التكنولوجيا النووية الجديدة والمبتكرة كوسيلة لتوليد طاقة منخفضة الكربون، ما يجعل توحيد المعايير أكثر أهميةً للحفاظ على أمان وأمن المرافق النووية."
تايغ سميث، اللجنة الدولية للتقنيات النووية

المنع والكشف والتخفيف من الأثر

التنبؤ بكيفية تطوُّر الهجمات السيبرانية في المستقبل ليس بالأمر الهيّن، لذلك عملت اللجنة الدولية للتقنيات الكهربائية عن كثب مع الوكالة بأن وضعت معايير توصي بأن تركّز برامج الأمن الحاسوبي في المرافق النووية على الكشف، والتصدّي، والتعافي بالإضافة إلى المنع. وحتى إذا ما نجحت عناصر هجمة سيبرانية ما، ينبغي أن تكون هناك آليات قيد التطبيق لاستعادة وضمان الأداء السليم للوظائف الضرورية بما يكفل عدم الإخلال بالأمان والأمن.

ويمكن للرَّقمنة السريعة في عالمنا، جنباً إلى جنب مع نمو الذكاء الاصطناعي والتعلُّم الآلي، أن تجعل الأمن الحاسوبي في المرافق النووية يبدو كمهمّة عسيرة. وللتعاون الدولي أهمية بالغة من أجل الاستمرار في تشغيل هذه المرافق على نحو مأمون وآمن على الرغم من هذه التحديات. فطوال أكثر من نصف قرن، تعاونت الوكالة، والمجتمع الدولي، والصناعة النووية في توحيد المعايير لدعم أمان وأمن التكنولوجيا النووية السلمية. وبعد أن باتت القضايا العالمية مثل تغيُّر المناخ وأمن الطاقة أكثر إلحاحاً، تتطلع بلدان عدّة إلى اللجوء إلى التكنولوجيا النووية الجديدة والمبتكرة كوسيلة لتوليد طاقة منخفضة الكربون، ما يجعل توحيد المعايير أكثر أهميةً للحفاظ على أمان وأمن المرافق النووية.

التعاون في العالم النووي

الوكالة الدولية للطاقة الذرية واللجنة الدولية للتقنيات الكهربائية مساهمان أساسيان في الجهود الدولية المبذولة لوضع معايير لأمن المعلومات والأمن الحاسوبي في المرافق النووية. وتقوم الوكالة بإعداد منشورات إرشادية ضمن سلسلة الأمن النووي يتمّ التوافق عليها دوليًّا، لتحديد المفاهيم والقواعد اللازمة لضمان أمن المعلومات والأمن الحاسوبي كعنصرين أساسيّين لتحقيق أهداف الأمن النووي. وتوفر سلسلة الأمن النووي إرشادات بشأن تنظيم موارد الدولة، وإعداد لوائح القطاع، ومفاهيم تنفيذ نَهْج هندسةٍ مستنير سيبرانيًّا في المرافق النووية.

وتعمل اللجنة الدولية للتقنيات الكهربائية عن كثب مع الوكالة، وذلك بصفةِ اللجنة منظمة دولية معنيّة بالمعايير وتروّج لأفضل الممارسات وتقاسُم المعارف. وبموجب مذكرة التفاهم بين اللجنة الدولية للتقنيات الكهربائية والوكالة الدولية للطاقة الذرية، يضع العلماء والخبراء الذين يعملون مع اللجنة الدولية للتقنيات الكهربائية معاييرَ وتقارير تقنية بشأن تنفيذ الإرشادات الصادرة عن الوكالة من خلال متطلبات برنامجية وهندسية محددة. ويمكن الاستفادة من هذه المتطلبات في تصميم وتطوير النُّظم الرقمية، الحالية والمستقبلية، والتي يمكن اعتمادها إزاء النماذج التنظيمية المتوافقة مع الإرشادات الصادرة عن الوكالة. ومن ثمَّ يمكن للخبراء الذين يمثلون تجربة الصناعة النووية في تنفيذ معايير اللجنة الدولية للتقنيات الكهربائية أن يدعموا عملية وضع الإصدارات المماثلة المستقبلية من الإرشادات الصادرة عن الوكالة.

ويسهم العلماء والخبراء في عمل اللجنة الدولية للتقنيات الكهربائية على أساس طوعيّ، وترحّب اللجنة دائماً بانضمام المزيد من المتطوعين. وتظلّ أوساط خبراء الأمن الحاسوبي في المجال النووي محدودة نسبيًّا، حتى على نطاق عالمي. ويتيح الإسهام في عمل اللجنة الدولية للتقنيات الكهربائية فرصةً لبناء المعايير التي يمكن استخدامها عالميًّا ودعم الصناعة النووية العالمية.

٢٠٢٣/٠٦
Vol. 64-2

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية