You are here

منشور جديد للوكالة حول تغيُّر المناخ والطاقة النووية يسلِّط الضوء على الإمكانات الواعدة في أفريقيا والشرق الأوسط

,

أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية (الوكالة) منشوراً جديداً حول تغيُر المناخ والقوى النووية يبرز إمكانات القوى النووية في دعم التنمية المستدامة والانتقال إلى الطاقة النظيفة والموثوقة في أفريقيا والشرق الأوسط.

ويصدر المنشور المعنون "تغير المناخ والقوى النووية" في صيغة محدَّثة كلَّ عامين، ويقدِّم إصدار عام 2022 ثروة من المعلومات والبيانات التقنية حول فوائد القوى النووية في المساهمة في الوصول بصافي الانبعاثات إلى مستوى الصفر بحلول عام 2050. ويشمل إصدار هذا العام فصلاً يتناول القوى النووية في أفريقيا والشرق الأوسط.

وأُطلق المنشور في فعالية جانبية  بعنوان "دعم الانتقال إلى الطاقة النظيفة في أفريقيا"، عُقدت على هامش الدورة السادسة والستين للمؤتمر العام للوكالة، وحضرها وزراء ومسؤولون حكوميون من عدة بلدان في أفريقيا قال المدير العام للوكالة. وخلال الفعالية، قال السيد رافائيل ماريانو غروسي: "إنني أسمع أينما ذهبت حواراً عالميًّا حول أمن الطاقة وتغيُّر المناخ والقوى النووية. ومن الواضح تماماً أنَّ الطاقة النووية صارت جزءاً من هذا الحوار، بصرف النظر عما إذا كان ذلك يعود إلى تغيُّر الظروف أو اختلاف الاحتياجات المناخية أو الأمنية". وأكَّد السيد غروسي أنَّه لا سبيل إلى إجراء هذا الحوار من دون أفريقيا، مشدِّداً على أنَّ "الناس في أفريقيا هم من يقولون [...] ’إنَّ علينا أن نساهم في هذا المجال، وعلينا أن نكوِّن فهمنا الخاص لكيفية استخدام هذه الجوهرة النووية لخدمة الاقتصاد الأفريقي".

ووفقاً للمنشور الجديد، يعاني نحو 600 مليون شخص و10 ملايين منشأة تجارية صغيرة في أفريقيا من عدم وجود مصدر موثوق للكهرباء. وبصورة متزايدة، لم يعد الاتصال بالشبكة الكهربائية الوطنية يشكل ضمانة للحصول على الكهرباء، مع تصاعد وتيرة حالات انقطاع التيار الكهربائي. ويفيد البنك الدولي بأنَّ نحو 80% من المنشآت التجارية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تعاني من انقطاع التيار الكهربائي، مما يحد من أنشطتها بشكل كبير. وفي الوقت نفسه، يتزايد الطلب على الطاقة في أفريقيا بمعدل يبلغ ضعفي المتوسط العالمي، مدفوعاً إلى حد كبير بالنمو السكاني في المناطق الحضرية.

وفي ضوء ذلك، تدرس جنوب أفريقيا، وهي البلد الأفريقي الوحيد الذي لديه برنامج عامل للقوى النووية بمفاعلين تبلغ قدرتهما مجتمعين 2000 ميغاواط، التشغيل الطويل الأجل لمحطة كويبرغ للقوى النووية والتوسُّع في برنامج القوى النووية الخاص بها. وهناك بلدان عديدة في أفريقيا تستكشف إمكانية إضافة القوى النووية إلى مزيج الطاقة الخاص بها، ومنها مصر التي بدأت مؤخراً إنشاء أولى محطاتها للقوى النووية، حيث وضعت حجر الأساس لأول مفاعل من أصل أربعة مفاعلات بقدرة 1200 ميغاواط تعتزم تشييدها في منطقة الضبعة على ساحل البحر المتوسط.

وتستضيف مصر في تشرين الثاني/نوفمبر 2022 مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمناخ في دورته السابعة والعشرين، المعروفة باسم COP27. وقال السفير محمد الملا، المندوب الدائم لمصر لدى الوكالة: "لقد اختارت مصر القوى النووية لأنها توفِّر مصدراً ثابتاً للطاقة يدوم لعقود".

وتقدِّم الوكالة الدعم، من خلال نهج المعالم المرحلية البارزة الذي وضعته، إلى قرابة 30 من البلدان "المستجدة" في المجال النووي حول العالم، بما في ذلك في أفريقيا والشرق الأوسط، في جهودها الرامية لإرساء البنية الأساسية اللازمة لإنشاء برنامج مأمون وآمن ومستدام للقوى النووية. ومن بين هذه البلدان غانا التي تعمل مع الوكالة منذ عدة سنوات، واستضافت بعثة في إطار خدمة الاستعراض المتكامل للبنية الأساسية النووية في عام 2017.

وقال وزير البيئة والعلوم والتكنولوجيا والابتكار في غانا، السيد كواكو آفرييه، إنَّ "غانا تتطلَّع إلى بدء الاستفادة من القوى النووية لتوفير التنوع الضروري لمصادر توليد الأحمال الأساسية من أجل ضمان أمن الطاقة في ضوء متطلباتنا المستقبلية. لقد استنفدنا إمكانات الطاقة الكهرمائية تقريباً، ولذا فإن اهتمامنا بالقوى النووية راجع إلى رغبتنا في التأكُّد من أنَّ لدينا الطاقة اللازمة لعملية التحول والتنمية". وبحسب الوكالة الدولية للطاقة، ففي حين توفِّر الطاقة الكهرمائية 40% من إمدادات الكهرباء في غانا، فإنَّ حصتها من إجمالي توليد الكهرباء في أفريقيا تبلغ  17% وهي آخذة في التزايد، وتصل في بعض البلدان، مثل أوغندا وزامبيا وملاوي، إلى 80%.

وتتسم الطاقة الكهرمائية بانخفاض الانبعاثات الكربونية وتؤدي دوراً كبيراً في الوفاء بالالتزامات الرامية إلى الوصول بصافي الانبعاثات إلى مستوى الصفر، لكن الأنماط المناخية تتغيَّر، ويتغيَّر معها مستوى توافر إمدادات المياه ومدى موثوقيتها. وأفريقيا معرضة بوجه خاص للآثار السلبية المترتبة على هذه التغيرات، حيث تتوقع الوكالة الدولية للطاقة أنَّ تغيُّر المناخ سيؤدي بحلول نهاية هذا القرن إلى تراجع كبير في قدرة الطاقة الكهرمائية في جمهورية الكونغو الديمقراطية والمغرب وزامبيا وزمبابوي. وستعاني بلدان عديدة أخرى من التقلبات غير المتوقعة في إمداداتها من الطاقة الكهرمائية.

وإذا استمر الطلب على الكهرباء في الارتفاع وتسبَّب تغيُّر المناخ في تراجع إنتاج الطاقة الكهرومائية، فلن يكون بوسع البلدان أن توفِّر احتياجاتها من أحمال الكهرباء الأساسية إلا  باستخدام الوقود الأحفوري أو القوى النووية. بيد أنَّ البلدان الأفريقية النامية عانت من تردي أوضاعها المالية العامة في خضم جائحة كوفيد-19، مما جعل العديد منها عاجزاً عن تمويل مشاريع البنية الأساسية الكبيرة ذاتيًّا، كما يفيد البنك الدولي.

"ولذلك فإنَّ التمويل الدولي سيكون حيوي الأهمية"، كما قال السيد هنري بايير، رئيس قسم التخطيط والدراسات الاقتصادية في الوكالة، وهو القسم المسؤول عن إعداد المنشور الذي يصدر كل عامين. وأضاف السيد بايير قائلاً: "إنَّ إحدى الوسائل لاجتذاب هذه الاستثمارات الأجنبية هي إنشاء مناطق اقتصادية خاصة تُطبَّق فيها لوائح اقتصادية مصممة خصيصاً لهذا الغرض وتُشيَّد في الأماكن التي توجد فيها بنى أساسية محلية موثوقة. ومن ثم يمكن أن تكون هذه المناطق بمثابة مراكز للطاقة النظيفة تستفيد منها المجتمعات المجاورة وتكون عاملاً محفزاً للانتقال إلى الطاقة النظيفة على نطاق وطني".

وكما قيل للمشاركين خلال الفعالية، فإنَّ التكنولوجيات الجديدة مثل المفاعلات النمطية الصغيرة، بما تنطوي عليه من انخفاض تكلفتها الأولية ومن ثم سهولة تمويلها مقارنة بالمفاعلات التقليدية، يمكن أن تكون أحد الخيارات المتاحة للتغلب على هذه المشكلة وقد تكون أكثر ملاءمة للشبكات الكهربائية الصغيرة الموجودة في عدة بلدان أفريقية.

وفي الوقت الذي تعمل فيه البلدان الأفريقية على دراسة استخدام القوى النووية أو تشرع في ذلك بالفعل، شدَّد السيد غروسي على أنها ستحظى بدعم الوكالة الكامل، قائلاً إنَّ "الوكالة ستساندكم في كل خطوة تقدمون عليها".

موارد ذات صلة

للتواصل معنا

الرسالة الإخبارية